طارق اعراب
يبدو المشهد التنموي في المغرب وكأنه سباق بثلاث مسارات متباينة، حيث تختلف سرعة التحولات العمرانية والاقتصادية من مدينة إلى أخرى بشكل واضح.
في المسار الأول، نجد العاصمة الرباط التي تعيش دينامية متواصلة، مشاريع ضخمة لا تتوقف، من ملاعب حديثة ومستشفيات متطورة، إلى فضاءات ترفيهية ومرافق حضرية جديدة. الرباط اليوم تقدم صورة مدينة عصرية تتجه نحو العالمية، وهو ما يجعلها في طليعة الركب التنموي.
في المسار الثاني، نجد مدنًا مثل طنجة، مراكش وأكادير، حيث تسير التنمية بوتيرة متوسطة. هذه المدن تعرف مشاريع لتأهيل بنيتها التحتية، وتوسيع مناطقها الصناعية والسياحية، إلى جانب إحداث فضاءات ترفيهية وبنيات جديدة. رغم ذلك، تبقى سرعتها أقل من العاصمة، لكنها تمنحها موقعًا متوازنًا بين الإرث التاريخي والطموح الاقتصادي.
أما المسار الثالث، فيتمثل في مدن السرعة فيها متوقفة ، ما زالت تعاني من غياب مشاريع حقيقية يمكن أن تُحدث تغييرًا في واقعها الاجتماعي والاقتصادي. مدن مثل آسفي، اليوسفية، والصويرة، ما زالت رهينة واقع هش، إذ تفتقر لمبادرات تنموية قادرة على خلق فرص شغل حقيقية أو تحسين مستوى الخدمات. شبابها يجدون أنفسهم أمام خيارين: الهجرة نحو الأقطاب الكبرى أو مواجهة البطالة والعطالة محليًا.
هذا التباين بين المدن يضع أمام المغرب تحديًا حقيقيًا يرتبط بالعدالة المجالية. فالتنمية لا يمكن أن تتحقق بشكل منصف إلا إذا شملت جميع الأقاليم، وتوزعت ثمارها بين المركز والأطراف. غير أن استمرار السير بسرعات مختلفة يهدد بزيادة الفوارق ويجعل حلم التنمية الشاملة مؤجلًا إلى أجل غير مسمى.