هيئة التحرير
تعيش مقاطعة جليز واحدة من أعقد مراحلها التنظيمية والسياسية، بعدما أصبح ثلاثة مناصب أساسية داخل مكتبها شاغرة في ظرفية دقيقة، اثنان منها يخصان نيابتي الرئيس، إضافة إلى منصب كاتب المجلس. هذه الوضعية لم تعد مجرد مسألة إدارية، بل تحولت إلى مؤشر جديد على هشاشة التحالف الثلاثي (التجمع الوطني للأحرار، الاستقلال، الأصالة والمعاصرة) الذي يقود التسيير المحلي بمراكش.
فقد جُرّد المستشار عبد العزيز مروان من صفته كنائب للرئيس عقب متابعته في ملف “كازينو السعدي”، بينما أدى الغياب المتواصل للمستشار رشيد تاملدو عن اجتماعات المجلس، لأكثر من ستة أشهر، إلى إسقاط مهمته كنائب للرئيس مع احتفاظه بعضويته. وإلى جانب ذلك، أصبح منصب كاتب المجلس بدوره شاغراً بعد أن قرر صاحبه الترشح لشغل منصب نيابة الرئيس الذي كان يتولاه آيت المحجوب، الأخير الذي يقضي عقوبة حبسية.
هذا التراكم في الشغور يطرح أكثر من علامة استفهام حول أسباب تأخر رئيس المقاطعة عمر السالكي في الدعوة إلى انتخاب بدلاء، خاصة أن الأجل المحدد لهذه الانتخابات لا يتجاوز شهر نونبر المقبل. فهل هو تأجيل تقني مرتبط بحسابات التدبير، أم أن الأمر يعكس صراعاً صامتاً بين مكونات التحالف المسير؟
مصادر متطابقة تؤكد أن حزب الاستقلال، الذي فقد واحداً من أبرز وجوهه داخل جليز، يدفع في اتجاه استعادة موقعه عبر مرشح جديد، لكن التجمع الوطني للأحرار، باعتباره الحزب القائد، يبدو أكثر تشبثاً بالتحكم في مفاتيح النيابات الحساسة. أما الأصالة والمعاصرة، فلا يخفي طموحه في إعادة التموضع داخل المجلس، في ظل تراجع نفوذه أمام ثنائية الأحرار والاستقلال بهذه المقاطعة.
هذا الوضع يعكس صورة أكبر مما يجري في جليز وحدها، إذ يكشف عن عمق التصدعات التي تهدد التحالف الثلاثي المسير لمراكش. فالصراع حول المناصب هنا ليس إلا مرآة لميزان القوى داخل المدينة ككل، خصوصاً مع اقتراب نهاية الولاية الانتدابية، حيث تسعى كل الأطراف إلى تعزيز مواقعها تحضيراً للاستحقاقات المقبلة.
وبينما يبقى الأجل القانوني قائماً إلى حدود نونبر، تظل الأنظار مشدودة إلى ما إذا كان سيتم الحسم في هذه المناصب عبر توافق سياسي يحافظ على تماسك التحالف، أم أن جليز ستتحول إلى ساحة اختبار حقيقية لانفجار تحالف هش، لم يعد يخفي تصدعاته للعلن.