نورالدين بازين
أثار القيادي في جماعة العدل والإحسان حسن بناجح موجة جدل جديدة بعد نشره على صفحته بـ”فايسبوك” صورةً لخيام نُسبت إلى متضرري زلزال الحوز وتارودانت، مرفقة بتدوينة مؤثرة يتحدث فيها عن الذكرى الثانية للكارثة وما يرافقها من استمرار معاناة المواطنين. غير أن التوضيحات التي تلت ذلك سرعان ما وضعت بناجح في مأزق، بعدما تبين أن الصورة قديمة وتعود لشهر يناير الماضي.
التغريدة جاءت بصيغة قوية تحمل بعداً إنسانياً وسياسياً، لكنها سقطت في فخ التوظيف الزمني. فالصورة التي أعاد بناجح نشرها، دون أن يوضح تاريخ التقاطها، أعطت الانطباع بأنها تعكس الوضع الحالي بشكل دقيق. وهذا ما فتح الباب لاتهامات باستعمال أدوات بصرية خارج سياقها، في محاولة لتأجيج النقاش العمومي من زاوية معينة.
بدلاً من أن يفتح مضمون التدوينة نقاشاً جاداً حول إيقاع مشاريع إعادة الإعمار أو أعطاب التدبير، تحوّل الاهتمام إلى عنصر تقني بسيط: تاريخ الصورة. الأمر الذي أضعف الرسالة وأضر بمصداقية صاحبها، خاصة في ظل حساسية الموضوع الذي يتابعه الرأي العام بعناية.
فالفاعلون السياسيون والحقوقيون مطالبون بالصرامة في اختيار أدواتهم التواصلية، لأن أي انزلاق قد يُفهم باعتباره مغالطة مقصودة، ولو لم تكن كذلك.
التجربة أظهرت أن إعادة تدوير صور قديمة في سياقات جديدة، دون تنبيه واضح، يضر أكثر مما ينفع. إذ يتم تحويل الأنظار من جوهر القضية إلى شكلها، ويُتهم الفاعل بعدم احترام الأمانة في نقل الوقائع. وهو ما وقع مع تدوينة بناجح، التي تحولت من خطاب “التذكير بالمعاناة” إلى جدل “حول صدقية الصورة”.
ما وقع يعكس قاعدة بسيطة في العمل الإعلامي والسياسي: المصداقية أولاً. فالصورة، وإن كانت حقيقية في أصلها، تصبح مضللة بمجرد اقتطاعها من سياقها الزمني. وفي قضايا حساسة كزلزال الحوز وتارودانت، يصبح التدقيق واجباً مضاعفاً، لأن أي تلاعب أو إهمال في التفاصيل يهدد بتحويل قضية وطنية كبرى إلى مادة للمزايدات وفقدان الثقة.