طارق أعراب
دخلت النقابة الوطنية للتعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش على خط النقاش الدائر حول ما يُسمّى بـ”الإصلاح البيداغوجي” الذي أطلقته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، لتعلن موقفاً صريحاً وحاداً برفض تنزيله بصيغته الحالية، معتبرة أنه إصلاح متسرّع، أحادي، ويفتقر إلى المقاربة التشاركية الحقيقية.
ففي اجتماع عقد يوم الأربعاء 3 شتنبر 2025، خرج المكتب المحلي للنقابة ببلاغ يؤكد أن الإصلاح المقترح يهدّد المبادئ الجوهرية التي تأسست عليها الجامعة العمومية، وعلى رأسها مجانية التعليم واستقلالية القرار البيداغوجي. النقابة شددت على أن إدخال مقاربة اقتصادية ضيقة في تدبير قطاع حساس مثل التعليم العالي قد تكون له انعكاسات خطيرة، ليس فقط على جودة التكوين والبحث العلمي، بل أيضاً على دور الجامعة كفضاء عمومي مستقل في إنتاج المعرفة وصون قيمها.
وسجل المكتب المحلي استياءه العميق من “تغييب مكونات الجسم الجامعي” وفرض قرارات جوهرية في غياب أي حوار فعلي مع الفاعلين، مذكّراً بأن بعض هذه القرارات صُودق عليها خلال العطلة الصيفية في خطوة وُصفت بأنها تفتقر إلى أبسط شروط الشفافية والحكامة الجيدة. كما نبّه إلى أن مثل هذه المقاربة من شأنها أن تُفاقم التوتر داخل الجامعة وتُهمّش مكانة الأستاذ الباحث وتؤثر على كرامته الأكاديمية.
وفي سياق ردّه العملي، أعلن المكتب المحلي عن مقاطعة الإصلاح بصيغته الحالية، مع التمسك الصارم بحقوق الأساتذة الباحثين والدفاع عن مكتسباتهم، داعياً في الوقت ذاته إلى تعبئة شاملة داخل الجسم الجامعي لمواجهة أي محاولة للمساس بمنظومة التعليم العالي. وحمّل المكتب الوزارة الوصية كامل المسؤولية عن أي احتقان قد تعرفه الجامعة المغربية في حال الإصرار على فرض قرارات غير متوافق بشأنها.
مع ذلك، أكدت النقابة استعدادها للانخراط في حوار جاد ومسؤول، شريطة أن يكون قائماً على الحكامة الرشيدة والالتزام الدستوري بمبدأ التشارك، معتبرة أن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يقوم إلا على التوافق والتشاور، لا على الارتجال والقرارات الفوقية.
رسالة النقابة الوطنية للتعليم العالي بمراكش بدت واضحة: “لا إصلاح من دون مشاركة حقيقية، ولا مساس بمجانية التعليم العمومي واستقلالية الجامعة”. وبين ضرورات تحديث المنظومة وتحسين جودة البحث العلمي من جهة، ورفض القرارات الأحادية المتسرعة من جهة أخرى، يظل الحل رهيناً بحوار وطني جاد يحفظ للجامعة المغربية مكانتها وللأستاذ الباحث كرامته الأكاديمية.