محمد الطالبي
ماذا تريد بعض الأصوات المبحوحة في فرنسا والتي قد لا تتجاوز أن تكون صدى لأصوات اختنقت سواء في فرنسا أو خارجها حتى قريبا منا ، لأن منطق الابتزاز انتهى إلى غير رجعة، ونظارة المغرب لن تزيغ عن قضاياه الكبرى، ضمنها حماية تراب البلاد وشبه إجماعها حول قضاياه الوطنية.
إن تحرك إعلام مثل لوموند أو حتى المنابر الممولة من وزارة الخارجية الفرنسية كـ”فرانس 24″ من أجل الكتابة عن المغرب، هو حق مكفول يدخل في حرية الصحافة والتعبير، غير أن الأخلاقيات المهنية هي التي يجب أن تؤطر هذه العلاقة، لا أن يتم اللجوء إلى مصادر مجهولة لتمرير رسائل معينة أو إملاء تصورات مسبقة لا علاقة لها بالواقع، وكأنها محاولة بائسة لإحياء أسطوانة مشروخة انتهت صلاحيتها.
ولعل الأخطر أن يتحول بعض الإعلام إلى مجرد امتداد لمصالح دولٍ أو جهات سياسية، بدل أن يظل صوتاً مهنياً ومستقلاً، لأن ذلك يُفقده المصداقية والاحترام، ويحوّله إلى أداة في لعبة الابتزاز وفقدان التوازن في تناول القضايا الدولية، وعلى رأسها القضية الوطنية للمغرب.
ولم يكن غريباً أن تتعمد جريدة لوموند الإساءة إلى المغرب وإلى المؤسسة الملكية، في محاولة للتشكيك في المسار الإصلاحي للمملكة، ونحن على بعد أيام قليلة من ذكرى ثورة الملك والشعب التي سطرت صروحاً من النضال والكفاح، من أجل مغرب للمغاربة جميعاً، يقوم على تحالف وثيق بين الملك والشعب. ولعلها تُذكّر –من غير قصد– بأن جنازة الراحل الحسن الثاني حضرها ملايين المغاربة، والعهدة على الراوي، في دليل على عمق الارتباط بين العرش والشعب.
أما حديث بعض الأقلام عن تربية الملك ومحاولة النيل من صورته، فلا يعدو أن يكون زلة أخلاقية ومهنية، لأن التربية الحقيقية للملوك في المغرب صاغتها دروس التاريخ، وأكبر مدرسة فيها كانت ولا تزال هي مدرسة الشعب المغربي الذي لا يقبل وصاية ولا تبخيساً من أحد.
ويبقى السؤال مشروعاً: هل تبحث بعض الجهات المتطرفة في فرنسا عن مشجب تُعلّق عليه فشلها الذريع في إفريقيا، القارة التي استيقظت إلى غير رجعة من أجل التقدم والديمقراطية، وبناء صروحها الاقتصادية بعيداً عن القيود الكولونيالية القديمة؟
إننا ننتظر نهاية سداسية لوموند وربيبتها فرانس 24 حتى يتبين مسار سحق المهنية الصحافية، وحقيقة الطريق الذي اختارتاه بعيداً عن عمق الحقيقة. وحين لا يعي ولا يستوعب الجلاد أن الضحية لم تعد تقبل أن تكون ضحية، فذلك يختصر مأساة من عاش ويعيش على دماء الشعوب التي كانت مستعمرة يوماً. لكن هذه الشعوب غطّت بدمائها شريط الحرية والاستقلال، أما الباقي فليس سوى تفاصيل حياة تخص شعوبنا الحرة، وخصّ المغرب الذي يشق طريقه واثقاً بشعبه وملكه ومستقبله.