هيئة التحرير
في اجتماع الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية يوم السبت 23 غشت 2025، عاد عبد الإله ابن كيران، الأمين العام للحزب، ليكرر نفس الأسطوانة القديمة: “نحن حزب جاد، نأخذ كلام جلالة الملك بجدية، ونعمل بالنصح والإصلاح، ولسنا طلاب مغانم”. خطاب يبدو جميلاً في ظاهره، لكنه في العمق لا يعدو أن يكون محاولة يائسة لإعادة إحياء صورة حزب فقد بريقه منذ سنوات وتلقى هزيمة مدوية في آخر انتخابات.
ابن كيران تحدث عن “بلاغ قوي” أصدره حزبه رداً على مذكرة وزير الداخلية، واعتبره إنجازاً سياسياً غير مسبوق. لكن هل يعقل أن يُختزل الفعل السياسي في مجرد بلاغ؟ أين البدائل؟ أين العمل الميداني؟ أين التأثير الحقيقي في السياسات العمومية؟ إن ما يقدمه الأمين العام ليس سوى “كلاماً بلا أظافر”، لا يُسمن ولا يغني من جوع.
والأدهى من ذلك أن ابن كيران يتحدث عن أزمات التعليم والصحة والفساد وكأن حزبه لم يتحمل مسؤولية قيادة الحكومة لولايتين متتاليتين. كيف يمكن أن يُقنع الرأي العام بأنه اليوم صوت الإصلاح، بينما بصمات حزبه حاضرة في عمق هذه الأزمات؟ الحقيقة أن العدالة والتنمية لم يكن ضحية هذه المشاكل، بل كان جزءاً من إنتاجها أو على الأقل فشل في معالجتها.
أما حديثه عن الملكية وأن دعمها لا يكون بالمجاملة وإنما بالنصح، فهو كلام يُراد به تبريد الأجواء أكثر من كونه رؤية سياسية جريئة. فالحزب الذي فقد ثقله الشعبي لم يعد يملك الوزن الكافي ليقدم نفسه كمخاطب حقيقي للدولة أو كممثل جدير بالثقة لدى المواطنين. الاستقلالية التي يتحدث عنها ابن كيران لم تعد سوى شعاراً أجوف، بعدما تحول الحزب إلى ظل باهت لتجربة سياسية انتهت فعلياً في 2021.
الخلاصة أن ما قدمه ابن كيران في لقائه الأخير ليس سوى محاولة متأخرة لإنعاش جسد سياسي شبه ميت. “المصباح” لم يعد كما كان، وخطاب التبرير والوعظ لم يعد يقنع أحداً. وإذا كان الحزب يريد فعلاً أن يستعيد مكانته، فليتوقف عن اجترار الشعارات وليواجه تاريخه ومسؤوليته أمام الشعب. أما غير ذلك، فلن يكون سوى إطالة لمرحلة الاحتضار السياسي، لا أكثر.