المصطفى يحي
على اثر، الاحتجاجات المتواصلة لساكنة فجيج، لما يقارب السنتين (22 شهرا)، بسبب تراجع المجلس الجماعي لفجيج ، على مقرره الذي كان قد رفض فيه في وقت سابق وبالاجماع الانضمام لمجموعة الجماعات الترابية الشرق للتوزيع بتاريخ 26 اكتوبر 2023،وذلك بالتصويت مجددا على مقرر اخر يقضي بالانضمام بتاريخ 01 نونبر 2023.
هذا المقرر الاخير كما اعتبره الاعضاء المستقيلون من المجلس الجماعي بتاريخ 16 ماي 2024 بمثابة انقلاب على ارادة المجلس الجماعي ،كما اعتبروه خرقا سافرا للمادة 136 من الدستور ،و لم يراعى فيه مبدا المقاربة التشاركية، بحيث ان دستور المملكة ،يؤمن استشارة الساكنة في تسيير قضاياها المحلية، باعتبارهم ممثلين عن هذه الساكنة، كما عبر هؤلاء المستقيلون عن حرمانهم من هذه الاستشارة بالشكل الذي يتماشى مع قواعد واليات هذه الاستشارة دستوريا وكذا مع قواعد الحكامة ومبدا التدبير الحر المنصوص عليه في القسم الثامن من القانون التنظيمي 113-14 ،يتابع هؤلاء الاعضاء في مسودة استقالتهم انهم ناشدوا رئيس المجلس على الأقل بمنحهم وقتا يسمح لهم بالعودة الى الساكنة والاستماع للارائها وتساؤلاتها في موضوع انضمام جماعة فجيج لهذه المجموعة، وما سيترتب عنه من تفويت لقطاع حيوي هو بمثابة اختصاص اصيل للجماعات، الا وهو تدبير قطاع الماء لهيئة أخرى (مجموعة الجماعات الترابية الشرق للتوزيع) بعد ان ظل تسييره من طرف جماعة فجيج لعقود من الزمن تسييرا مباشرا ،ليتم تفويته في 01 نونبر2023 لمجموعة الجماعات الترابية الشرق للتوزيع بكنانيش تحملات وبعقد تدبير مفوض، لم يتح للمجلس بالاطلاع عليهما ، والتي ظل اعضاؤه جاهلين لجانب كبير منها ،يضيف الاعضاء المستقيلون في مسودة الاستقالة الجماعية لاعضاء المعارضة انذاك.(1*)
بعد تلك النازلة، ظل المجلس الجماعي لفجيج، يتخبط في تداعيات المادة 74 من القانون التنظيمي رقم 113-14، حيث توالت استقالات نصف أعضائه بشكل متكرر، في صورة احتجاجية عبّر من خلالها أعضاء المعارضة عن تضامنهم مع مطالب الساكنة الرافضة لخوصصة ماء واحة فجيج. هذه الاستقالات المتكررة (لحدود الساعة 3 استقالات متتالية) ادت استقالتين منها إلى تجريد الرئيس من صلاحياته وتعيين لجنة لتصريف الأعمال، فيما الاستقالة الثالثة رفض الرئيس تسلمها مما دفع بالاعضاء المستقيلين بتسليمها للرئيس عبر المفوض القضائي، طبقا للقوانين الجاري بها العمل.
لقد شكّلت هذه الوضعية (الاستقالات الجماعية المتكررة) سابقة لافتة استرعت انتباه العديد من المتتبعين للشأن المحلي والوطني، باعتبارها شكلاً احتجاجيًا غير مسبوق في تاريخ الجماعات الترابية بالمغرب، وأعادت إلى الأذهان ما عُرف في القضاء الفرنسي بـ”المبارزة القانونية”، حيث بدت المواجهة محتدمة بين معارضة متشبثة بمطالب الساكنة ورئيس متمسك بكرسي تدبير الشأن المحلي لفجيج.
وبعد التمعن في هذه الاستقالات، سنعرج على بعض المخارج القانونية الممكنة لمعالجة هذا الوضع في إطار الشرعية. غير أنّ شحّ المصادر في هذا المجال، بحكم حداثة العمل بالقانون رقم 83.21، يجعل التجربة العملية وحدها الكفيلة بكشف نقائصه وعيوبه مع مرور الزمن. ومع ذلك، فقد سعيت جاهدًا إلى استقصاء بعض المراجع المتاحة والارتكاز عليها، قصد المساهمة في إغناء النقاش العمومي الدائر في هذا الصدد، وتسليط الضوء على ما قد يكون خافيًا.
تنبني هذه المخارج القانونية على اربع مرتكزات:
المرجعية القانونية الاولى :
<span;><span;>- المادة 8 من اتفاقية احداث مجموعة الجماعات الترابية الشرق للتوزيع التي صادق عليها المجلس الجماعي لفجيج بتاريخ 01 نونبر 2023
نص المادة الثامنة:
” لا يمكن لاي جماعة ترابية عضو في المجموعة الانسحاب منها الا بعد :
1- اثباتها لأداء جميع التزاماتها المالية لفائدة المجموعة بمقتضى هذه الاتفاقية او بمقتضى اتفاقية اخرى ذات الصلة
2- تحمل كل اخلال بالالتزامات التعاقدية للمجموعة قد ينتج عن انسحاب الجماعة الترابية المعنية
3- التأكد من عدم مساس انسحابها باستمرارية التدبير المتوازن للمرفق المعهود به للمجموعة و بالتوازن الاقتصادي و المالي لعقد التدبير الذي قد تبرمه المجموعة.
4- وفي جميع الاحوال وطبقا للتشريع الجاري به العمل لا يمكن ان تنسحب اية جماعة ترابية عضو في المجموعة الا بناء على مقرر لمجلسها وصدور قرار الاعلان عن انسحابها من لدن السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية.” انتهى نص المادة الثامنة (2*)
يتضح من خلال هذه المادة أنّ الانسحاب يشكّل مخرجًا قانونيًا تنص عليه الاتفاقية نفسها، مما يمنح مطلب الساكنة بالانسحاب سندًا قانونيًا واضحًا. ويتحقق ذلك بعقد المجلس لدورة استثنائية والمصادقة على مقرر الانسحاب. وفي هذه الحالة، يُوجَّه محضر مداولات المجلس المتعلق بالانسحاب، مرفقًا بنسخ من حوالات أداء المساهمة المالية للجماعة المنصوص عليها في المادة الرابعة من اتفاقية إحداث مجموعة الجماعات السالفة الذكر، إلى وزارة الداخلية.
وتتولى هذه الأخيرة، بصفتها الجهة المخول لها قانونًا، إصدار قرار إعلان الانسحاب بعد التحقق من استيفاء الجماعة لجميع الشروط المحددة في المادة الثامنة من الاتفاقية.
المرجعية القانونية الثانية:
المادة 58 من عقد التدبير المعتمد من طرف وزارة الداخلية موضوع قرار وزير الداخلية رقم 24.990 صادر في 7 شوال 1445 (16 ابريل 2024) بتحديد نموذج عقد التدبير الذي يبرم بين صاحب المرفق و الشركة الجهوية متعددة الخدمات وكذا دفاتر التحملات الملحقة به ، والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 7297 ل 6 ماي 2024
ومن اجل تعميم الفائدة نعرض عليكم نص المادة 58 كاملا من عقد التدبير المفوض :
” بالاضافة لحالات القوة القاهرة كما هي محددة في الفصل 269 من ظهير 9 رمضان 1331 (12 غشت 1913) المتعلق بقانون الالتزامات والعقود، كما تم تغييره وتتميمه، ولاغراض عقد التدبير، يراد ب”القوة القاهرة كل حدث يكون خارجا عن ارادة صاحب المرفق والشركة ويجعل تنفيذ التزامات أحد الطرفين أو هما معا مستحيلة او مستعصية لدرجة يمكن اعتبارها مستحيلة في مثل هذه الظروف وتشمل حالات القوة القاهرة ولا سيما الحروب و الزلازل و العواصف و الفياضانات و الحركات الاحتجاجية باستثناء الحالات التي تخص فيها هذه الحركات الشركة وحدها.
ويجب على الطرف الدي يواجه احدى حالات القوة القاهرة ان يبادر الى اتخاذ الاجراءات الهادفة الى تجاوز عجزه عن الوفاء بالتزاماته التعاقدية نتيجة لحالات القوة القاهرة .ويجب على الطرف الذي يثير حالة القوة القاهرة ان يشعر الطرف الاخر في اقرب الاجال بوقوع حدث القوة القاهرة ،مع الادلاء بما يفيد ذلك.
في حالة عدم اتفاق الطرفين حول مراجعة عقد التدبير بسبب نتائج القوة القاهرة، او اذا استمرت حالة القوة القاهرة اكثر من ثلاثة اشهر، يمكن لكل طرف ان يبادر الى فسخ عقد التدبير، شريطة اشعاره مسبقا للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بنيته في الفسخ بسبب القوة القاهرة ،من اجل البحث خلال اجل ثلاثة اشهر اعتبارا من تاريخ توصلها بالاشعار المذكور عن كل حل من شانه ان يمكن من متابعة التدبير .
في حالة الفسخ بسبب القوة القاهرة، يؤدي صاحب المرفق للشركة مقابل استعادته لاموال الرجوع القيمة المحاسبية لاموال الرجوع التي مولتها الشركة عند تاريخ الفسخ.
وفي جميع الاحوال ،فان التعويضات المتاتية من التامينات المكتتبة من طرف الشركة لتامين الاموال المذكورة ،تبقى مستحقة لصاحب المرفق و يتم استخدامها لاعادة تاهيل او اعادة بناء او تكوين هذه الاموال المتضررة.” انتهى.(3*)
اذن، فإن عقد التدبير المعتمد من طرف وزارة الداخلية يُعد الوثيقة المنصوص عليها في المادة الخامسة من القانون رقم 83.21 المتعلق بالشركات الجهوية متعددة الخدمات، والصادر بعد مصادقة الجماعات على الانضمام إليها. غير أننا نختلف بشأن توقيت إصدار هذا العقد، إذ يبدو متعارضًا مع مبادئ الحكامة الجيدة، حيث كان من الأجدر عرض هذه الوثيقة المرجعية المهمة على المجالس الجماعية قبل المصادقة على الانضمام إلى مجموعة الجماعات الترابية، خاصة وأن ملامح هذه الهيئة لم تكن واضحة بالنسبة للمجالس الجماعية.
ومع ذلك، وارتباطًا بموضوع مقالنا، فقد أتاح هذا العقد (عقد التدبير المفوض) إمكانية أخرى لتنفيذ مطالب ساكنة جماعة فجيج، لا عن طريق الانسحاب، بل من خلال آلية قانونية أخرى تُعرف بفسخ العقد بسبب القوة القاهرة، وذلك استنادًا إلى ما نصت عليه المادة 58 من عقد التبير المفوض ذاته. وقد فسر المشرع مفهوم القوة القاهرة، من بين أمور أخرى، بالاحتجاجات الشعبية الواسعة، وهو ما ينطبق على حالة جماعة فجيج التي تعرف احتجاجات متواصلة منذ نونبر 2023 ضد صاحب المرفق، أي الجماعة نفسها، مع استثناء الاحتجاجات الموجهة ضد شركة بعينها من نطاق مفهوم القوة القاهرة.
ويُشار إلى أن هذا العقد قد صادقت عليه مجموعة الجماعات الترابية “الشرق للتوزيع”، في إطار استكمال الترسانة القانونية الخاصة بهذه الشركات على المستوى الوطني، حيث شملت المرحلة الأولى أربع جهات فقط، على أن يتم تعميم التجربة لاحقًا على باقي جهات المملكة.
المرجعية القانونية الثالثة
هل يخالف القانون 83.21 الدستور ويخرق قانون الجماعات؟ (4*)
هذا القانون والذي دخل حيز التنفيذ منذ 17 يوليوز 2023، انهى عهد التدبير المفوض لخدمات الماء والكهرباء والتطهير السائل والإنارة العمومية، الذي كانت تشرف عليه شركات خاصة ووكالات مستقلة إلى جانب المكتب الوطني للماء والكهرباء.
ان لهذا القانون ، إشكالات قانونية من شأنها أن تتعارض مع مضامين وبنود القانون التنظيمي للجماعات 113.14، خصوصا وأن هذا القانون تم بوجوبه إحداث 12 شركة جهوية ستعمل على تدبير الخدمات المذكورة.
ووفق بنود هذا القانون، فإن هذه الشركات الجهوية ستعمل على تدبير مرفق توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل، والإنارة العمومية عند الاقتضاء، أو تتبع تدبير هذا المرفق، وذلك في حدود مجالها الترابي بناء على عقد التدبير المبرم مع الجماعات الترابية أو مؤسسات التعاون.
ويعارض هذا الهدف مقتضيات القانون التنظيمي 113-14 المتعلق بالجماعات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 83، الأمر الذي يجعل القانون رقم 83.21 يخالف الدستور ويعارض مقتضيات قانون أسمى منه درجة.
وتنص المادة 83 من القانون التنظيمي 113-14 المتعلق بالجماعات، الواردة في الفصل الثاني المتعلق بالمرافق والتجهيزات العمومية الجماعية، على أنه: ” تقوم الجماعة بإحداث وتدبير المرافق والتجهيزات العمومية اللازمة لتقديم خدمات القرب في الميادين التالية: توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء، النقل العمومي الحضري، الإنارة العمومية، التطهير السائل والصلب ومحطات معالجة المياه العادمة، تنظيف الطرقات والساحات العمومية وجمع النفايات المنزلية والمشابهة لها ونقلها إلى المطارح ومعالجتها وتثمينها”.
وتنص الفقرة الثانية من المادة نفسها على أن : ” الجماعة تقوم بموازاة مع فاعلين آخرين من القطاع العام أو الخاص بإحداث وتدبير المرافق التالية: أسواق البيع بالجملة، المجازر والذبح ونقل اللحوم، أسواق بيع السمك”، فيما تؤكد الفقرة الثالثة على أنه “يتعين على الجماعة أن تعتمد عند إحداث أو تدبير المرافق المشار إليها في الفقرة الثانية، سبل التحديث في التدبير المتاحة لها، ولا سيما عن طريق التدبير المفوض أو إحداث شركات التنمية المحلية أو التعاقد مع القطاع الخاص”.
وفي هذا الصدد، يرى الأستاذ الجامعي جواد لعسري أن القانون رقم 83.21 والذي كان انذاك لا يعدو ان يكون مشروع قانون فحسب، الذي يقضي بإحداث شركات جهوية متعددة الخدمات، يخالف المقتضيات الدستورية، فـ “الأصل أن القانون متى كان مخالفا للقانون التنظيمي الذي سبق التصريح بمطابقة أحكامه للدستور، فهو غير دستوري”.
وأوضح أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء أن “القانون التنظيمي 113.14 لم يجز للجماعات تدبير مرفق الماء والكهرباء عبر الوسائل المنصوص عليها في القانون رقم 83.21، وما دامت تراتبية النصوص تجعل القانون التنظيمي أعلى منزلة من القانون العادي، واحتراما لمبدأ التراتبية الذي نص عليه الدستور في فصله السادس، فإن هذا المشروع يكون غير دستوري”.
وتنص الفقرة الثالثة من الفصل السادس من الدستور المغربي على أنه “تعتبر دستورية القواعد القانونية، وتراتبيها، ووجوب نشرها، مبادئ ملزمة”.(5*)
وشدد الباحث الجامعي ذاته، على أن إحداث المرافق المشار إليها في المادة 83 من القانون التنظيمي 113.14، “تبقى ضمن اختصاصات الجماعة، وليس اختصاصا برلمانيا، وتدبيرها حكر على الجماعات”.
لذلك، خلص الباحث، بإن الأمر “يتطلب وقف المسطرة التشريعية الحالية، والعمل على تعديل المادة 83 من القانون التنظيمي 113-14 المتعلق بالجماعات حتى يصير القانون متلائما مع مقتضيات القانون التنظيمي، وبالتالي يصبح قانونا دستوريا”.
من خلال معاجة هذا الإشكال الدستوري، ستتاح للمجلس الجماعي لفجيج فرصة جديدة لإعادة النظر في مسألة تفويت قطاع الماء، على الأقل هذه المرة استنادًا إلى المادة 83 من القانون التنظيمي رقم 113-14، التي خوّلت لوزارة الداخلية عرض مسألة الانضمام على أنظار المجالس الجماعية، باعتبار أن هذا الاختصاص أصيل لهذه الأخيرة. وبالتالي، فإن أي تفويت محتمل لا يمكن أن يتم إلا بموجب مقرر صريح للمجلس يحسم هذه المسألة.
وفي حالة الحكم بعدم دستورية هذا القانون، ستكون وزارة الداخلية ملزمة بتعديل المادة 83 من القانون التنظيمي 113-14 بما ينسجم مع التشريع الجديد، أي القانون رقم 83.21، ثم إعادة عرض مسألة إحداث مجموعة الجماعات مجددًا على المجالس الجماعية.
ورغم وجود أرضية قانونية واضحة وخصبة لهذا المخرج، فإن الأمر يظل رهينًا بمرافعة قوية يقودها جهابذة القانون للدفع بعدم دستورية هذا القانون.
المرجعية القانونية الرابعة
تستند هذه المرجعية إلى نص الحكم الابتدائي للمحكمة الإدارية لوجدة رقم 499 بتاريخ 5 أبريل 2023، ملف رقم 40/7110/2024، (6*) والمتعلق بدعوى الإلغاء التي استهدفت إلغاء مقررات محضر الدورة الاستثنائية للمجلس الجماعي لفجيج بتاريخ 1 نوفمبر 2023. وبالرجوع إلى نص الحكم، يتبين أن نسخة الحكم لم تُبلغ للأطراف المدعية تبليغًا رسميًا، الأمر الذي يشكل سببًا قانونيًا لإعادة فتح آجال الطعن، سواء بالاستئناف أو الطعن بالنقض، مما يجعل آجال استئناف الحكم المذكور مفتوحة وفقًا للمادة 9 من القانون رقم 80.03، الذي أحدث بموجبه محاكم الاستئناف الإدارية.
في هذه الحالة وبعد استئناف الحكم، سواء أمام محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط أو حتى في مرحلة الطعن بالنقض، فان صدور حكم بإلغاء محضر الدورة الاستثنائية للمجلس الجماعي لفجيج ل 1 نوفمبر 2023، سيجعل الأمور تتغير جذريًا، إذ ستكون عضوية جماعة فجيج في مجموعة الجماعات الترابية “الشرق للتوزيع” عضوية يشوبها عيب مخالفة القانون ،و انطلاقا من القاعدة القانونية الشهيرة “ما بني على باطل فهو باطل ” سيكون المجلس الجماعي لفجيج مضطرا لإعادة عقد دورة جديدة للمجلس لتصحيح الوضعية القانونية لعضويته في هذه المجموعة.
خلاصة:
انطلاقًا من هذه المرجعيات الأربع، أليس من حق ساكنة واحة فجيج أن يُؤخذ مطلبها بجدية، بعيدًا عن المزايدات السياسية بين أعضاء المجلس، بين رافض للشركة ومؤيد لها؟
أليس من الأولى تفعيل مبدأ المقاربة التشاركية، والإنصات لانتظارات الساكنة التي تُشكّل عماد الديمقراطية المحلية وركيزتها الأساسية؟
أم أن الأمر يستلزم النظر اليه من زاوية اخرى يستدعي التروي، باعتبار أن مبدا السياسة العامة للدولة يسمو على السياسات المحلية ولا يقل اهمية عن مبدا التدبير الحر والمقاربة التشاركية؟
على سبيل الختم ، نعتبر هذا المقال الذي سعينا من خلاله إلى الغوص في عمق هذه النازلة ووضعه ، رهن اشارة الباحثين في المجال القانوني بصفة خاصة، والمتتبعين للشأن المحلي بفجيج وللشأن العام وطنيًا بصفة عامة، حيث تناول هذا المقال مسألة حراك الماء بفجيج، من زاوية قانونية صِرفة، غايته الإسهام في الارتقاء بصناعة القرار على ضوء مبادئ الحكامة الجيدة والشفافية التي كرسها دستور المملكة لسنة 2011، بعيدًا عن منطق الغالب والمغلوب، وانتِصارًا لمبدأ سيادة القانون.
المصطفى يحي (7*).
هوامش:
(1*) انظر مسودة نص الاستقالة الجماعية للاعضاء المعارضة بالمجلس الجماعي لفجيج بتاريخ 16 ماي 2024،تسعة اعضاء من 18 عضوا والتي ترتبت عنها تفعيل المادة 74 من القانون التنظيمي 113-14 لاول مرة في تاريخ المجلس الجماعي لفجيج.
(2*) انظر محضر الدورة الاستثنائية للمجلس الجماعي لفجيج بتاريخ 01 نونبر 2023. اعتبر اعضاء المعارضة هذا المقرر انقلابا على ارادة الساكنة، مما دفع بهم الى طلب الدفع بالبطلان لقررات هذه الدورة لدى عامل اقليم فجيج بتاريخ 21/11/2023 لما شابه من عدة خروقات لاحكام القانون التنظيمي 113-14، دون تلقي اي رد من عامل الاقليم انذاك.
(3*) المادة 58 من عقد التدبير المعتمد من طرف وزارة الداخلية موضوع قرار وزير الداخلية رقم 24.990 صادر في 7 شوال 1445 (16 ابريل 2024) بتحديد نموذج عقد التدبير الذي يبرم بين صاحب المرفق والشركة الجهوية متعددة الخدمات وكذا دفاتر التحملات الملحقة به، والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 7297 ل 6 ماي 2024
(4*) مقال عبد الإله شبل منشور بالجريدة الالكترونية هسبريس ليوم السبت 28 يناير 2023
(*5) الفقرة الثالثة من الفصل السادس من دستور المملكة المغربية لسنة 2011
(6*) انظر نص الحكم الابتدائي للمحكمة الإدارية لوجدة رقم 499 بتاريخ 5 أبريل 2023، ملف رقم 40/7110/2024
(7*) المصطفى يحي ، باحث في مجال اللامركزية والتعاون اللامركزي و حاصل على شهادة في هذا المجال من طرف المديرية العامة للجماعات الترابية لوزارة الداخلية، حاليا هو مدير المصالح الجماعية لجماعة بني انصار اقليم الناظور.