محمد خالد
في سجلّ التعليم المغربي، تظل سنة 2003 علامة فارقة لا يمكن محوها. لم تكن مجرد محطة دراسية عادية، بل لحظة انتقالية حاسمة دشّنت تطبيق نظام جديد للباكالوريا، وترك وراءه جيلًا كاملًا يحمل لقب “الدفعة المظلومة”.
قبل هذا التحول، كان المشهد التعليمي أكثر وضوحًا: امتحان وطني واحد في نهاية السنة يحدد مصير التلاميذ. غير أن الإصلاح الجديد قلب المعادلة فجأة؛ إذ تم تقسيم الامتحانات بين جهوي في السنة الأولى ووطني في الثانية، مع اعتماد المراقبة المستمرة منذ الجذع المشترك.
ولأن المناهج تغيرت بدورها، وجد الأساتذة والتلاميذ أنفسهم أمام دروس ومقررات لم يترك الزمن فرصة كافية لاستيعابها.
النتيجة لم تتأخر في الظهور. ففي أول موسم لتطبيق النظام الجديد، لم تتجاوز نسبة النجاح 29,55%، بعدها بدأت الأرقام تتحسن تدريجيًا، لتصل إلى 42,52% عام 2004 ثم 51,15% سنة 2006، وهو ما كشف أن المشكل لم يكن في التلاميذ، بل في صدمة الانتقال المفاجئ الذي شابه التخبط والضبابية.
جيل 2003 عاش ظروفًا استثنائية. مناهج ومقررات جديدة، نظام مستحدث يلف اطاره المرجعي الغموض التام ، نظام تنقيط غير مؤلوف، وانتظارات أسرية ثقيلة. كثير من التلاميذ وجدوا أحلامهم في متابعة دراسات عليا تتبدّد أمام أعينهم، فقط لأنهم كانوا أبناء “الدفعة التجريبية”. دفعة ضاعت بين نظام قديم فقد استقراره، وإصلاح جديد يتخبط في السنة الأولى من تطبيقه، فعلقوا بذلك في منطقة رمادية دفعوا ثمنها غاليًا.
وهكذا ظلّ كثير منهم يشعرون بالغبن، معتبرين أنهم “ضحايا مرحلة انتقالية”، فيما الأجيال اللاحقة دخلت على نظام أوضح وأكثر نضجًا.
اليوم، وبعد مرور أكثر من عقدين، ما زال اسم “دفعة 2003” يُستحضر كلما عاد النقاش حول إصلاح نظام الباكالوريا المغربي. لقد أثبتت التجربة أن أي إصلاح تربوي، مهما كانت نواياه حسنة، لا يمكن أن يُكتب له النجاح إذا فُرض بشكل فجائي دون إعداد فعلي للأساتذة والتلاميذ.
لقد سطّر التاريخ أن سنة 2003 لم تكن مجرد سنة دراسية، بل كانت قصة جيل كامل دفع ثمن التجربة الأولى.