نور الدين بازين
في مثل هذه الأيام من شهر غشت 2021، رحل بهدوء أحد أبرز رجالات مراكش السياسية، العمدة السابق عمر الجزولي، تاركاً وراءه سيرةً ومساراً يليقان بالتخليد. واليوم، وبعد أربع سنوات على وفاته، يطفو إلى السطح مقترح يعبّر عن الوفاء لذكراه، يتمثل في إطلاق اسمه على إحدى الأنفاق الكبرى التي يتم الاشتغال عليها حالياً بالمدينة الحمراء، كتقدير لما قدمه خلال سنوات عمله في خدمة مراكش وأهلها.
كان الجزولي، الذي شغل منصب عمدة مراكش بين 2003 و2009، شخصية سياسية بامتياز، ووجهاً مراكشياً أصيلاً جمع بين الهدوء في الطبع، والحكمة في القرار، والقدرة على جعل السياسة أداة للبناء لا للصراع. وخلال فترة ولايته، ساهم في تحويل المدينة إلى فضاء عالمي، يزخر بالمؤتمرات والتظاهرات الكبرى، ويستقطب أسماء لامعة في الفن والرياضة والسياسة والاقتصاد.
لقد آمن الرجل بأن مراكش أكبر من مجرد مدينة، بل هي واجهة حضارية للمغرب، تستحق أن تكون حاضرة على خارطة العالم. ومن هذا المنطلق، بذل جهداً مضاعفاً في تعزيز إشعاعها الدولي، وتطوير بنياتها، والرفع من جاذبيتها السياحية والاقتصادية، حتى باتت توصف آنذاك بـ”المدينة العالمية”.
اليوم، وفي ظل استمرار أشغال تهيئة المدينة، يبرز مقترح إطلاق اسمه على أحد الأنفاق الجديدة باعتباره شكلاً من أشكال رد الاعتبار، وتكريماً لعمدة لم يترك وراءه بنايات فقط، بل ترك رؤية جعلت مراكش تتجاوز حدودها المحلية إلى العالمية.
إن تخليد ذكرى عمر الجزولي لا يعني استحضار الماضي فقط، بل هو استثمار في ذاكرة المدينة، وتأكيد أن مراكش لا تنسى أبناءها الأوفياء. فمنح اسمه لإحدى الأنفاق الكبرى هو رسالة رمزية للأجيال المقبلة، بأن من يخدم مدينته بصدق وإخلاص، سيظل حياً في وجدانها، حتى بعد رحيله.
رحل الجزولي في ليلة هادئة من غشت 2021، لكن أثره لا يزال شاخصاً في قلب المدينة التي أحبها وأخلص لها. ومراكش، بكل مكوناتها، مدينة تعرف كيف تكرم أبناءها، وكيف توفي بالعهد لرجال ونساء بصموا تاريخها، وصنعوا إشعاعها العالمي.
