د. طارق حنيش.. حين تستدعي السياسة الطبيب الهادئ

د. طارق حنيش.. حين تستدعي السياسة الطبيب الهادئ

- ‎فيرأي, سياسة, في الواجهة
329
التعليقات على د. طارق حنيش.. حين تستدعي السياسة الطبيب الهادئ مغلقة

بقلم: نورالدين بازين

في صباح مشمس من صباحات مراكش، وبين وجوه المناضلين وضجيج النقاشات، كان المشهد مختلفًا: لحظة إعلان انتخاب الدكتور طارق حنيش أمينًا جهويًا لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة مراكش آسفي. التصفيق لم يكن مجرد طقس بروتوكولي، بل بدا كأنه اعتراف جماعي بقدَرٍ كان ينتظره، بقدر رجلٍ لم يركض يومًا خلف السياسة، بل هي التي سعت إليه حتى جلسته في صدرها.

يجلس حنيش متأنيًا، يُصغي طويلًا إلى من حوله، يُنصت كما لو أن كل كلمة يسمعها وصفة دقيقة لجرح خفي أو ألمٍ لا يُرى. عيادته الطبية كانت أول مدرسة له، ومنها حمل إلى السياسة ما لم تستطع أن تمنحه قاعات الخطابة: فن الإصغاء. وحين يتحدث، يترك في صوته أثر الحكمة، وفي عباراته سكينة من اعتاد وزن كلماته بميزان الذهب.

الذين يعرفونه عن قرب يقولون: “السياسة لم تغيّره، بل هو الذي جاء إليها بوجهه الإنساني”. لم يكن دخوله المعترك الحزبي طموحًا شخصيًا أو مغامرة ذاتية، بل دعوة من رفاق ومواطنين لمسوا فيه صورة “المسؤول المختلف”: ذاك الذي يضع الإنسان في قلب اهتماماته، لا في هامشها.

انتخابه لم يكن صدفة، ولا قرارًا إداريًا فوقيًا. لقد كان إجماعًا صادقًا، شارك فيه المناضلون والمواطنون معًا، وكأنهم يقولون: “هذا رجل جدير بالثقة”. وربما كان سرّ هذا الإجماع أنه ظل وفيًا لروحه الأولى كطبيب، يُقارب السياسة بالمنطق ذاته: التشخيص الدقيق، الإصغاء العميق، ثم وصف الحلول بعقلانية وهدوء.

في زمن اعتاد فيه الناس رؤية السياسيين في صورة المتسابقين على الكراسي، يأتي طارق حنيش بنموذج آخر: سياسي لم يجرِ خلف السياسة، بل وقفت هي على بابه. وفي زمن يكثر فيه الصخب، يُقدّم نفسه كصوتٍ منخفض لكنه واثق، كمن يذكّر الجميع أن السياسة لا تحتاج دومًا إلى الضجيج، بل أحيانًا إلى قليل من الصمت وكثير من الحكمة.

إنه رجل جمع بين مهنتين متباعدتين ظاهريًا، متقاربتين في الجوهر: مهنة الطب التي تعالج الأجساد، ومهنة السياسة التي يُفترض أن تعالج قضايا الناس. والرهان اليوم أن ينجح في أن يظل هو نفسه: الطبيب الذي دخل السياسة دون أن يفقد إنسانيته.

يمكنك ايضا ان تقرأ

ذكرى ثورة الملك والشعب.. جلالة الملك يصدر عفوه السامي على 881 شخصا

كلامكم بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب المجيدة لهذه