هيئة التحرير
مرة أخرى، يثبت مجلس جهة مراكش آسفي أنه الفاعل الحقيقي في معادلة التنمية، بعدما تحمل مسؤولية تمويل وإطلاق مشروع المنطقة الصناعية بتامنصورت، في وقت ظل فيه المركز الجهوي للاستثمار غائباً عن الساحة، رغم أنه المعني الأول بمواكبة مثل هذه المشاريع.
المنطقة الصناعية ليست مجرد ورش عقاري أو تجمع للمصانع، بل مشروع استراتيجي يحدد مستقبل مراكش الاقتصادي، ويمثل فرصة لتقليص التبعية للسياحة والخدمات عبر خلق قاعدة إنتاجية وصناعية قادرة على المنافسة. ومع ذلك، لم يظهر أثر يذكر لدور المركز الجهوي للاستثمار، الذي يُفترض أن يكون همزة وصل بين المستثمرين والسلطات، وأن يوفر المواكبة والتأطير لجذب الرساميل.
في المقابل، اختار مجلس الجهة أن يتحمل المسؤولية التاريخية، ممولاً المشروع وموفراً له البنية التحتية والبيئة المناسبة للاستثمار، ليبعث رسالة واضحة مفادها أن التنمية لا تنتظر البيروقراطية ولا تتعطل بسبب مؤسسات غائبة.
عدد من المتتبعين اعتبروا أن المركز الجهوي للاستثمار فقد بوصلة أدواره الأساسية، إذ بدل أن يكون قاطرة للتنمية تحول إلى مؤسسة صامتة تفتقد للمبادرة. أحد الخبراء في التنمية الجهوية أكد أن “المجلس برهن على أنه أكثر وعياً باحتياجات الساكنة والمستثمرين من المركز الذي ظل مكتوف الأيدي، مكتفياً بالشعارات بدل الفعل.”
المفارقة الكبرى أن هذا المشروع الصناعي جاء ليملأ فراغاً واضحاً تركه المركز، وليكشف أن التنمية تتحقق بالفعل الميداني لا بالخطابات. فالمنصة ستوفر فرص شغل لآلاف الشباب، وتفتح آفاقاً جديدة لمراكش كوجهة صناعية ولوجستية، في حين ظل المركز الجهوي للاستثمار بعيداً عن لعب دوره الطبيعي في جلب المستثمرين وتسهيل عمليات الاستثمار.
إن ما وقع يطرح سؤالاً جوهرياً: ما جدوى مؤسسات لا تقوم بدورها، بينما تتحمل مؤسسات منتخبة عبء التمويل والتنفيذ؟
الجواب جاء عملياً من مجلس جهة مراكش آسفي، الذي لم ينتظر أحداً، بل اختار أن يضع لبنة جديدة في مسار تنموي يعيد رسم ملامح مراكش الاقتصادية.
