هيئة التحرير
في مشهد سياسي يعكس رغبة في قلب الطاولة على الممارسات التقليدية، شرعت القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، بقيادة فاطمة الزهراء المنصوري، في إحداث هزة تنظيمية غير مسبوقة، عبر قرار عدم تجديد الثقة في أكثر من 30 برلمانياً وبرلمانية خلال الانتخابات التشريعية المقبلة لعام 2026. مصادر مطلعة من داخل “الجرار” أكدت أن القرار جاء بعد تقييم صارم لأداء الفريق البرلماني، كشف عن ضعف الحضور في أشغال المجلس، وتراجع المردودية التشريعية والرقابية، بل ووصول الأمر إلى محدودية القدرة التواصلية لدى بعض النواب بسبب أميتهم أو شبه أميتهم السياسية.
هذه الخطوة لا تبدو مجرد إجراء انتخابي تأديبي، بل تأتي ضمن مسعى أوسع لتجديد النخب وضخ وجوه جديدة أكثر تأهيلاً، حيث يجري الحديث داخل الحزب عن الدفع بكفاءات شابة من مختلف المستويات التنظيمية لتولي أدوار أكبر خلال المرحلة المقبلة. وتشير المعطيات المتداولة إلى أن بعض الدوائر المقربة من القيادة تشتغل على إعداد لائحة أسماء شابة، من بينها أطر إدارية وسياسية، يُتوقع أن تترشح باسم الحزب في الاستحقاقات التشريعية المقبلة، في محاولة لبناء فريق برلماني أكثر انسجاماً وقدرة على مواكبة التحولات السياسية المنتظرة.
غير أن هذه “الغربلة” أثارت انقساماً داخل البيت البامي، بين من يراها خطوة إصلاحية تعزز الكفاءة وربط المسؤولية بالمحاسبة، ومن يعتبرها عملية إقصاء ممنهجة لقيادات تقليدية لم تعد تتناغم مع المزاج السياسي الجديد داخل الحزب. وبالنسبة للمنصوري، فإن منح الأولوية للشباب المؤهل ليس مجرد خيار تنظيمي، بل انسجام مع التوجيهات الملكية الداعية إلى تجديد النخب السياسية وضخ دماء جديدة في المؤسسات.
حزب الأصالة والمعاصرة يبعث برسالة سياسية مباشرة: زمن “البرلماني الصامت” و”المقعد المضمون” قد ولى. فانتخابات 2026 ستكون معركة للكفاءات لا للشعارات، وقيادته تريد خوضها بفريق برلماني قادر على التأثير وصناعة المبادرة التشريعية. وبالمراجعة الجذرية المبكرة لتركيبته، يضع “البام” الأحزاب الأخرى أمام تحدي اللحاق بركب التغيير، أو مواجهة الإحراج أمام الناخبين الذين قد يطالبون هم أيضاً بـ”مقص المحاسبة” داخل تنظيماتهم.
