هيئة التحرير
في ظل التحديات المتصاعدة التي تواجهها مدينة مراكش ومحيطها في مجال تدبير النفايات، تطرح عدة فعاليات جمعوية ومتتبعون للشأن المحلي أسئلة مُقلقة حول مصير كميات كبيرة من الأزبال التي يتم جمعها يوميًا من جماعات تابعة لعمالة مراكش، خاصة ما إذا كانت فعلاً تُنقل بالكامل إلى المطرح الرسمي بقطارة المنابهة، أم أن هناك كميات تُدار خارج المسار القانوني.
وتزداد هذه الشكوك مع المعطيات المتداولة بشأن الفرق الواضح بين الكميات التي يتم التصريح بها في بعض الجماعات، وتلك التي تصل فعليًا إلى المطرح، ما يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة:
هل يتم التلاعب بالأرقام؟ وأين تُرمى هذه الكميات الإضافية إن وُجدت؟
عودة “مطرح حربيل” إلى الواجهة
بعد أن تم إغلاق مطرح حربيل القديم منذ سنوات، في إطار مشروع كلّف ميزانية عمومية كبيرة، عاد المطرح إلى الواجهة من جديد، حيث لاحظ سكان العزوزية والمناطق المجاورة نشاطًا مشبوهًا لبعض الشاحنات التي تفرغ حمولتها هناك، رغم صدور قرار رسمي بإغلاقه.
هذا الوضع يثير علامات استفهام كثيرة حول مدى احترام بنود دفتر التحملات من طرف الشركات المفوض لها جمع النفايات، وهل هناك تراخٍ أو تغاضٍ من طرف بعض المسؤولين المحليين إزاء هذه الممارسات التي تُهدد البيئة والسلامة الصحية للسكان.
أطنان غير محسوبة وأماكن مجهولة
عدد من المتتبعين يؤكدون أن ما يتم نقله فعليًا إلى مطرح المنابهة لا يعكس الكمية الحقيقية للنفايات التي تنتجها بعض الجماعات، خاصة في أوقات الذروة، مما يعني أن هناك أطنانًا من الأزبال قد يتم التخلص منها بطرق عشوائية أو في مواقع غير مرخصة.
ويطرح هذا الوضع إشكالية تتبع مسار النفايات منذ لحظة جمعها إلى حين التخلص منها، بالإضافة إلى ضرورة وضع آليات مراقبة مستقلة وشفافة، تكشف بالأرقام والتقارير الحقيقية حجم النفايات، ومسار نقلها، وهوية المتدخلين في العملية.
دعوات لفتح تحقيق ومحاسبة المتورطين
أمام كل هذه المؤشرات، يرتفع صوت المجتمع المدني وبعض الفاعلين المحليين مطالبين بـفتح تحقيق رسمي من طرف المصالح المختصة، وعلى رأسها المجلس الأعلى للحسابات، والسلطات الولائية، لتحديد مدى احترام بنود الاتفاقيات التي تربط الجماعات بالشركات المكلفة بالتدبير المفوض، ومعرفة ما إذا كان هناك تقصير أو تواطؤ يضر بالمصلحة العامة.
كما يُطالب المواطنون بالكشف عن مآل الأطنان المفقودة، وضمان حماية المطرح الرسمي بقطارة المنابهة من أي تلاعب قد يُشوّه غايته البيئية والتنظيمية.
الشفافية في التدبير البيئي.. مسؤولية جماعية
إن التدبير السليم لقطاع النفايات لا يقتصر على الجانب التقني، بل يستوجب حكامة ورقابة صارمة، وشفافية في التصريح والمعالجة، حمايةً للبيئة والصحة العامة، ومنعًا لأي استغلال محتمل لهذا القطاع في أغراض مشبوهة.
فهل تتحرك الجهات المعنية لفتح هذا الملف الحساس؟ وهل تكشف التحقيقات المستقبلية عن أطنان النفايات الضائعة ومساراتها الغامضة؟ أسئلة مشروعة تنتظر أجوبة واضحة.