رؤساء جماعات يقودون حملات مبكرة بانتحال إنجازات الدولة

رؤساء جماعات يقودون حملات مبكرة بانتحال إنجازات الدولة

- ‎فيسياسة, في الواجهة
345
التعليقات على رؤساء جماعات يقودون حملات مبكرة بانتحال إنجازات الدولة مغلقة

نورالدين بازين

تشهد العديد من مناطق المغرب، سواء في المدن أو القرى، موجة غير مسبوقة من «الركوب السياسي» على الأوراش الملكية الكبرى، التي يتم إطلاقها في إطار مشاريع استراتيجية ترعاها الدولة تحت التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. لكن المفارقة الصادمة أن بعض رؤساء الجماعات والجهات، وبدون خجل، ينسبون هذه المشاريع لأنفسهم، ويوظفونها في مقالات “شبه صحفية”، يُفبرك بعضها من طرف مقربين أو عبر صفحات فيسبوكية محلية، الهدف منها تضليل الرأي العام المحلي والترويج لإنجازات وهمية.

من المحطات السككية، إلى المستشفيات والمدارس وملاعب القرب، لم تسلم المشاريع الملكية من التحريف السياسي، إذ وصل الأمر ببعض رؤساء الجماعات القروية إلى الادعاء بأنهم وراء بناء محطة قطار جديدة أو مستشفى جهوي حديث، ضاربين بعرض الحائط كل الضوابط المؤسساتية والتقارير الرسمية التي توضح أن هذه الأوراش تُنجز بأموال الدولة وتحت إشراف مباشر من قطاعات وزارية ومؤسسات عمومية، وفق رؤية ملكية بعيدة المدى.

الخطير في الأمر أن بعض هؤلاء المسؤولين المحليين حولوا هذه المشاريع إلى مادة انتخابية، يتغذون بها في تجمعاتهم، مستغلين ضعف الوعي السياسي لدى شريحة من المواطنين، ومحاولين بسط نفوذ شخصي على ما يُفترض أن يكون مكسباً عمومياً للجميع، لا دعاية لمرشح بعينه.

ووفق مصادر متطابقة، فعلى وزارة الداخلية بات عليها أن تُولي أهمية خاصة لهذه السلوكات، حيث صار لزاما عليها توجيه، إشارات قوية لرؤساء جماعات وبلديات ومسؤولين ترابيين تحذرهم من التمادي في توظيف الأوراش الملكية في خطاباتهم الانتخابوية، خاصة بعدما بلغ الأمر مستويات تُسيء لهيبة الدولة، وتُربك فهم المواطنين لمسارات التنمية ومصادر تمويلها.

المؤكد أن المغرب لا يعاني فقط من تأخر بعض المشاريع أو تعثرها، بل يواجه أيضاً إشكالية التملك السياسي للمجهود التنموي من قبل من يُفترض فيهم أن يكونوا مجرّد منفذين وميسّرين لتعليمات الدولة، لا صُنّاع وهم ولا تجار إنجازات.

إن محاولات بعض المنتخبين، خصوصًا رؤساء الجماعات، الركوب على المشاريع والأوراش الملكية تُعدّ ضربًا صريحًا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتشويشًا ممنهجًا على الهندسة المؤسساتية التي تؤطر تدخل الدولة. فحينما يتحول التوجيه الملكي إلى مادة انتخابوية في أيدي أشخاص يعوزهم الحس المؤسساتي، فإن ذلك لا يُسهم سوى في تعميق أزمة الثقة بين المواطن والمجالس المنتخبة، ويشوّه صورة العمل الجماعي.

ولذلك، فإن تدخل وزارة الداخلية ليس فقط إجراءً تأديبيًا، بل هو أيضًا محاولة لتصحيح المسار وتحصين رمزية الأوراش الملكية من الابتذال السياسي، خصوصًا مع اقتراب استحقاقات 2026 التي بدأت بعض الأصوات تستبقها بتضليل المواطن عبر تسويق منجزات لا تملكها. وهنا، يُطرح السؤال الأكبر: متى ننتقل من التسويق الوهمي إلى ممارسة سياسية نزيهة تضع الصدق والمسؤولية فوق كل اعتبار؟

يمكنك ايضا ان تقرأ

هذا ما اكتشفته في النقل العمومي بين المدن ببلادي العزيزة

عبد الحفيظ بوبكري – مقيم في فرنسا في