طارق أعراب
في مشهد مؤلم يتكرر بشكل مأساوي، شهدت مدينتا مراكش والجديدة خلال الأيام الأخيرة حادثتين متشابهتين تسببتا في حالة من الذعر والأسى، بعدما فقدت حافلتان لنقل المسافرين السيطرة على الفرامل، مما أدى إلى دهس عدد من المارة في الشارع العام و تسبب في العديد من وفيات . هذه الحوادث المؤلمة تسلط الضوء من جديد على الوضعية الكارثية التي تعيشها بعض وسائل النقل العمومي، وخاصة الحافلات، التي تُستعمل بشكل يومي في نقل الآلاف من المواطنين، دون توفرها على أدنى شروط السلامة والجودة.
رغم التحذيرات المتكررة وشكايات المواطنين، لا تزال حافلات صدئة، متدهورة، ومهترئة تتجول بين المدن والأحياء، مهددة أرواح الركاب والمارة على حد سواء. الأمر لا يتعلق فقط بتقادم هذه العربات، بل بانعدام الصيانة الدورية، وغياب المراقبة الصارمة، مما يجعلها قنابل موقوتة تتحرك في شوارعنا. والغريب أن هذا الإهمال يستمر في ظل وجود قوانين وتقارير رسمية تدعو إلى تجديد الأسطول الوطني للحافلات وتحسين خدمات النقل العمومي.
وتتزايد المخاوف أكثر مع اقتراب المغرب من احتضان تظاهرات رياضية دولية كبرى، على رأسها كأس العالم لكرة القدم 2030، وهو ما يتطلب بنية تحتية نقلية قوية وآمنة تعكس صورة بلد حديث ومسؤول. فكيف يمكن الحديث عن جاهزية المغرب لهذه الاستحقاقات، في وقت لا تزال فيه حافلات مهترئة تقتل المواطنين في واضحة النهار دون محاسبة حقيقية أو إجراءات فعالة للحد من هذه الكوارث؟
أمام هذا الوضع، تُطرح أسئلة ملحة حول دور الجهات الوصية في مراقبة جودة الحافلات، وتطبيق المعايير الدولية للسلامة، وتحديد المسؤوليات في مثل هذه الحوادث المأساوية. كما يُطالب الرأي العام بتحقيقات شفافة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، والتسريع في إصلاح قطاع النقل العمومي، حماية لأرواح المواطنين، وصوناً لصورة المغرب أمام العالم.
للإشارة، إن ما وقع في مراكش والجديدة ليس مجرد حوادث عرضية، بل إشارات إنذار قوية تدعو إلى التحرك الفوري، حتى لا تتحول الطرق المغربية إلى مقابر مفتوحة لضحايا الإهمال والاستهتار.