خولة العدراوي
على بعد كيلومترات قليلة من الصويرة شمالاً وأكادير جنوباً، تمتد أمسوان، تلك المنطقة الساحلية الهادئة التي تحوّلت خلال السنوات الأخيرة إلى وجهة مفضلة لعشاق ركوب الأمواج والاستجمام في أحضان الطبيعة. ورغم جمالها الأخّاذ وموقعها الاستراتيجي، فإن أمسوان لا تزال تتلمس طريقها نحو سياحة مستدامة وعادلة، تتجاوز الهشاشة البنيوية وتُعيد النظر في توجهاتها السياحية.
تُعرف أمسوان بشاطئها النظيف وأمواجها المناسبة للركمجة، وبأجوائها الهادئة التي جعلتها وجهة محببة لعدد من السياح الأوروبيين، خاصة من ألمانيا والدول الإسكندنافية، الذين يقصدونها للاستمتاع بسكون البحر بعيدًا عن صخب المدن السياحية الكبرى. غير أن هذه الخصوصية السياحية، التي يُراد ترسيخها كخيار استراتيجي في المنطقة، بدأت تثير تساؤلات حول مدى انفتاح أمسوان على السياح المغاربة، الذين يشعر كثير منهم بالتهميش أو التمييز غير المعلن، في أماكن يفترض أن تكون مفتوحة للجميع.
سياسة السياحة النخبوية التي بدأت تبرز في أمسوان، والتي تقوم على استقطاب زبناء محدودين لكن من أصحاب الدخل المرتفع، قد تُثمر من حيث العائدات الاقتصادية، لكنها تطرح إشكالات عميقة تتعلق بعدم احترام مبدأ تكافؤ الفرص في الولوج إلى الفضاءات الطبيعية، وضرورة احترام السياح المحليين الذين يتقاسمون الحق في الاستمتاع بخيرات وطنهم.
من جانب آخر، ورغم الزخم السياحي المتزايد، لا تزال البنية التحتية للمنطقة فتية وهشة. فالطرق المؤدية إلى أمسوان ضيقة في بعض المقاطع، وشبكة الخدمات الأساسية لا ترقى إلى تطلعات الزوار خصوصا “ريزو الاتصالات الهاتفية”، ناهيك عن الانتشار الكبير للكلاب الضالة التي تشكل خطرا على السياح، خاصة الأطفال، وتسيء لصورة المنطقة كوجهة آمنة.
أما ميناء الصيادين التقليدي، أو ما يعرف بـ”المرسى”، فلا يزال محافظًا على طابعه العتيق، ما يمنحه خصوصية ثقافية محببة للبعض، لكنه في المقابل، يحتاج إلى تجديد وتأهيل يتجاوز الشكل التقليدي نحو تصور حديث يوازن بين المحافظة على الهوية والانخراط في تنمية مستدامة.
تحديات أمسوان لا تقتصر على البنية فقط، بل تمتد إلى غياب رؤية واضحة لتسويق المنطقة وطنيا ودوليا، بشكل يحقق العدالة بين مختلف الفئات، ويحفظ التوازن بين السياحة البيئية والاقتصادية، دون التفريط في حق الساكنة المحلية في التنمية، ولا في كرامة الزوار المغاربة.
ختامًا، تبقى أمسوان جوهرة ساحلية في حاجة ماسة إلى حكامة سياحية رشيدة، تضمن لها الاستمرارية، وتفتح آفاقًا أرحب للاندماج في الدينامية السياحية الوطنية، لا أن تبقى محصورة في فلك التميز الطبقي والتدبير العشوائي.