خولة العدراوي/تصوير: ف. الطرومبتي
في قلب مدينة مراكش النابض بالحياة، تواصل ساحة جامع الفنا لعب دورها كأيقونة تراثية وسياحية، تجمع بين فن الحكي الشعبي وفنون الشارع وأصوات الغيطة والدفوف وروائح الشواء والشاي بالنعناع. غير أن خلف هذا البريق، يتصاعد نقاش محلي حول حقيقة الرواج في هذه الساحة التاريخية: هل تعيش رواجاً سياحياً مزدهراً أم ركوداً خانقاً يشتكي منه فنانو الساحة؟
ففي الوقت الذي يظهر فيه العديد من السياح الأجانب على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يعبرون عن إعجابهم الشديد بأجواء جامع الفنا، ويصفونها بـ”الساحة السحرية التي لا تنام”، يخرج بعض “لحلايقية” وأصحاب المهن التقليدية فيها بتصريحات تؤكد أن الوضع الاقتصادي في الساحة ليس كما يبدو، بل هو متدهور، والفرجة تعاني من التهميش، والدخل لا يغطي حتى تكاليف المعيشة.
في المقابل، يرى فاعلون في القطاع السياحي أن الوضع في الساحة هو جزء من دينامية المدينة ككل، وأن الرواج موجود وإن لم يكن بنفس الوتيرة المعهودة، لكنه يظل مقبولاً مقارنة بسنوات الجائحة وتبعاتها.
وتطرح هذه المفارقة سؤالاً أعمق: هل المعضلة في تدبير المجال العام وتنظيم الفرجة وتحسين أوضاع الفنانين، أم في القراءة السلبية لبعض العاملين الذين فقدوا الأمل بسبب غياب الدعم والتأطير؟
الواقع أن ساحة جامع الفنا تحتاج اليوم إلى إعادة تنظيم حقيقية تراعي كرامة “لحلايقية” وفناني الشارع وتوفر لهم بيئة عمل محترمة، دون أن تفقد الساحة عفويتها وسحرها الشعبي. كما يجب على المؤسسات الثقافية والسياحية أن تتعامل مع هذا الفضاء كتراث إنساني لا يقتصر فقط على إبهار السياح، بل على كونه فضاءً حيوياً يستحق رعاية حقيقية.
فبين روايات البهجة السياحية، وشكاوى الحلايقية، تبقى الحقيقة ضائعة في غياب دراسة ميدانية دقيقة تضع الأصبع على الجرح، وتُميِّز بين الرواج الشكلي والرواج الحقيقي، وبين الفولكلور وواقع العيش اليومي.
