حكيم شيبوب
وجهت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع المنارة مراكش، مراسلة رسمية إلى كل من والي جهة مراكش آسفي ورئيسة المجلس الأعلى للحسابات، بخصوص ما وصفته بـ”استمرار معاناة سكان دوار العزة بجماعة السويهلة” مع الابتزاز في التزود بالماء الصالح للشرب، وتفشي مظاهر الفساد والزبونية في تدبير هذا المرفق الحيوي.
مرفق الماء رهينة للمحسوبية والولاءات
وحسب الشكاية الجماعية التي توصلت بها الجمعية، والموقعة من طرف عدد من سكان دوار العزة بدائرة سعادة، فإن الحق في الماء تحوّل من خدمة عمومية إلى امتياز خاضع لمزاجية الجمعية المكلفة بالتدبير، في ظل غياب الرقابة المؤسساتية، وغياب الشفافية والحكامة.
وتشير الشكاية إلى أن جمعية محلية تُدعى “جمعية النصر” تتولى تدبير مرفق التزود بالماء بالدوار، اعتمادًا على ثلاث آبار، يتم استغلالها بشكل غير عقلاني، في وقت تعاني فيه المنطقة من تدهور متزايد في الفرشة المائية. وبعد احتجاجات متكررة للسكان، تم توفير خمسة صهاريج متنقلة بشكل يومي كحل مؤقت إلى حين حفر بئر رابعة بتمويل من جهة مراكش آسفي، وهي المرحلة التي شهدت، وفق تعبير الساكنة، أقصى درجات الاستغلال والانتقائية في التوزيع.
27000 درهم شهريًا بدون سند قانوني
الجانب المالي شكل أحد أكثر النقاط قتامة في الملف، حيث تُحمّل الشكاية رئيس الجمعية المسؤولية عن تحصيل مبلغ شهري قدره 27000 درهم تحت ذريعة “تعويض عن أعمال تطوعية”، من دون أي وثائق قانونية أو مبررات محاسباتية واضحة.
وتؤكد الوثائق أن التقرير المالي الوحيد المتوفر يغطي ثلاث سنوات فقط، ويُظهر مداخيل تقدر بـ190 ألف درهم مقابل مصاريف غير مبررة تفوق 210 آلاف درهم، دون تقديم فواتير أو بيانات مفصلة. كما يتم، حسب نفس المصدر، إعفاء بعض المنخرطين المرتبطين بمستشارين جماعيين من واجبات الأداء، في مشهد يعكس تشابك المصالح بين الجمعية والمجلس الجماعي.
مسؤولية المجلس الجماعي في قفص الاتهام
في هذا السياق، حمّلت الجمعية الحقوقية المسؤولية أيضًا للمجلس الجماعي للسويهلة، باعتباره الجهة المخوّل لها مراقبة هذا المرفق الحيوي، تنفيذًا للفصل 100 من القانون التنظيمي 113.14، كما طالبت بتطبيق الفصل 65 من نفس القانون الذي يمنع الجمع بين العضوية في المجلس وعضوية جمعية تستفيد من دعم الجماعة أو تتعاقد معها، في ما يشكل حالة تنازع مصالح تستوجب المساءلة والعزل.
كما نبهت الجمعية إلى خرق دوريات وزارة الداخلية، وعلى رأسها المنشور عدد 387.21 بتاريخ 21 يونيو 2021، الخاص بتنظيم تدبير المرافق العمومية المحلية المرتبطة بالماء والكهرباء والتطهير السائل.
في ختام مراسلتها، دعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى إجراء افتحاص مالي وإداري دقيق لمرفق الماء بدوار العزة، مع تحميل المسؤولية للجمعية المفوض لها والمجلس الجماعي، وتطبيق القوانين الجاري بها العمل لتصحيح الاختلالات وترتيب الجزاءات الإدارية والقضائية اللازمة.
ويظل السؤال المفتوح: هل ستتدخل السلطات لوضع حد لهذا النزيف الحقوقي والمحاسباتي؟ وهل سيستعيد المواطنون بدوار العزة ثقتهم في المؤسسات؟ الجواب تحمله الأيام القادمة.