كيف تحولت الشرفة الأطلسية بالعرائش لمسرح للجريمة ! 

كيف تحولت الشرفة الأطلسية بالعرائش لمسرح للجريمة ! 

- ‎فيرأي
149
0

بقلم : عبد القادر العفسي 

 

توطئة لابد منها :
 

إن انبعاث الوعي بالعرائش ، تجلى في حراك مقدس ، ليس مجرد فعل سياسي، بل هو إزاحة أركيولوجية للطبقات المتراكمة من الفساد التي شوهت معمار الحياة العامة ، إنه حراك مبارك يستعيد فيه المواطن، ليس كفرد منعزل، بل كذات فاعلة ضمن خطاب جماعي، قوته المسلوبة، إنها لحظة استنهاض للضمائر الحية، تلك الإرادات الإيجابية التي تتخلل هياكل الدولة، لتفكيك آليات الفساد التي أخلت بالميزان، وحولت الفضاء العام إلى حلبة صراع تهيمن عليها لوبيات الفساد والإفساد، وخدامهم الذين يتوارون خلف أقنعة الشرعية .

 

إن الدولة، في جوهرها، ليست كيانا جامدا، بل هي فضاء حيوي يتطلب وعيا مسؤولا من مواطنيها، فالمغرب ، بتاريخه ورهاناته وتحدياته، لا يمكن أن يختزل في قبضة “الشفارة”، نحن اليوم في اصطفاف وطني، ليس مجرد تكتل سياسي، بل هو فعل جينالوجي يهدف إلى استعادة الثقة وتطهير المرافق العمومية، تلك الأماكن التي يجب أن تكون مرآة لعدالة الدولة، لا مرتعاً للنهب، إنها دعوة لتوحيد الرؤى،لخلق قطيعة معرفية مع الماضي الذي سمح بتسرب الفساد، ولإعادة بناء التناغم بين الدولة والمجتمع، بعيدا عن وهم الانفصال .

 

لسنا أولئك الذين يهربون المخدرات، ولا أولئك الذين ينهبون الأموال، و لسنا عملاء لجهات أجنبية ، ولسنا خدام لأجندات مشبوهة ، و لا نصدر الشذوذ الجنسي ، ولا أولئك الذين يسيطرون على الأراضي السلالية، ولا أولئك الذين يستنزفون الثروات الطبيعية … نحن مغاربة، نؤمن بوطننا وشعبنا ودولتنا، ونرفض رفضا قاطعا أن يتم “تهريب”الدولة، ككيان وكفضاء، لصالح فئة نافذة ومتنفذة، تتغذى على الزبائنية وتنسج شبكاته الخفية .

 

 إن هذا الحراك هو بمثابة حلم يقظة جماعي، يوقظ فينا الخيال المادي لتطهير هذا الفضاء العام، وإعادة تشكيله وفقا لجمالية العدل والشفافية، ليكون وطنا يتنفس فيه الجميع هواء الحرية والكرامة. انتهى .

 

يا لها من مسرحية عبثية فاخرة تعرض على خشبة مدينة العرائش! الكل مدعو للمشاركة في هذا العرس النضالي المبارك، فالحرقة، يا سادة، ديمقراطية أكثر من مسؤولينا، تطرق باب الجميع دون استثناء، وتعدنا بمستقبل باهر… أو ربما بمقعد في قارب مطاطي ، الأمل الوحيد المتبقي هو صراخ الساكنة ، الذي يبدو أنه لا يصل إلى الآذان الصماء في المكاتب المكيفة، خاصة وأن العقول التي تدير شؤون العرائش ضحلة كبركة ماء بعد يوم حار!. 

 

تخيلوا المشهد: مشروع عام، من المفترض أنه للشعب، يفتتح في جنح الظلام، كأنه صفقة ممنوعة أو طفل غير شرعي يخشى والده الاعتراف به، المسؤولون الكرام، أبطال الغياب والتخفي، لم يكلفوا أنفسهم عناء الحضور، وكأن المشروع هبط من المريخ بكبسة زر!، باختفائهم، هم يقرون بأبوتهم لهذا اللقيط المشوه! والطامة الكبرى، أنه في نفس اللحظة التي كانت حناجر المواطنين تبح في وقفة احتجاجية، كانت مواكب السيارات الرسمية ذات اللوحات الحمراء اللامعة تصطف في حفل تدشين مشروع خاص، وكأنها تزف عروسا من ذهب ! .

إنه لغز محير يفوق منطق أرسطو: كيف يهربون من واجب تشرف عليه الدولة، ويتسابقون كالفراشات نحو نار مشروع خاص؟ ربما كان على الساكنة المكلومة أن تفرش السجاد الأحمر وتقدم أطباق “البسطيلة” والمشروبات الغازية، فمعدة المسؤول أسرع طريق إلى قلبه… أو على الأقل إلى حضوره ؟

 

لا تلوموا “البسطيلة” وحدها، فالظاهر أن مسؤولينا الأعزاء يعانون من حالة متقدمة من الارتباك الجغرافي ، ربما نخيل “الشرفة الأطلسية” وتجهيزاتها التي نقلت سراً إلى المشروع الخاص، فظنوا أنهم يحضرون افتتاح ما سرقوه بالأمس ! كانوا هناك، يبتسمون للكاميرات، بينما “الزفت” الجديد ونخيل الزينة يلعنان أسلاف الحاضرين بصوت خفي، تمامًا كشجر الغرقد في الأساطير القديمة ! .

 

 

يا إلهي! حتى الصهيونية في أوج “تحرامياتها” لم تصل لهذا المستوى من الإبداع في قلب الحقائق ، يبدو أننا دخلنا عصر الشرور المطلقة، حيث المصداقية كلمة مطاطية لا معنى لها، والوعود مجرد حبر على ورق يذوب مع أول قطرة مطر !إننا أمام مرحلة لا مصداقية لأي صاحب دكان حزبي أو مسؤول ، فملك البلاد ينزل و يتواصل مع المواطنين أمّ المعين بظهير هنا هو ارفع من الناس و من التعين و من عَينه !.

 

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

استقالة حمزة بهدول من الطاقم التقني للكوكب المراكشي

رشيد سرحان قدّم حمزة بهدول، المسؤول عن تطوير