حكيم شيبوب/ تصوير. ف. الطرومبتي
لم يكن الحريق الذي شبّ قبل أسابيع في أحد أزقة حي سيدي ميمون بمراكش كافياً لتحريك السلطات المحلية نحو إصلاح الاختلالات البنيوية التي تطبع هذا الحي العريق، ولا لردع مظاهر العشوائية التي تفاقمت على مر السنوات، وسط صمت رسمي محير.
فبعد أن خمدت ألسنة اللهب، وعاد السكان إلى يومياتهم المثقلة بالخوف والإهمال، تبيّن للجميع أن “العافية” لم تحرق سوى بعض الأخشاب والبضائع، أما “الواقع المحروق” فلا يزال على حاله، وربما أسوأ. الزنقات الضيقة ما زالت مكتظة بالعشوائي، والأزقة تحتلها العربات والسلع المعروضة على الأرصفة في غياب تام لأي تنظيم أو مراقبة.
ويشتكي سكان الحي من استمرار استغلال الملك العمومي من طرف بعض التجار غير النظاميين، الذين حوّلوا الممرات والساحات إلى فضاءات مغلقة، يصعب حتى على سيارات الإسعاف أو رجال الوقاية المدنية الوصول إليها في حالات الطوارئ. وهو ما أثار استياء الساكنة التي طالما نادت بتنظيم الحي وإنهاء هذا “الاحتلال اليومي” الذي أصبح يهدد السلامة الجسدية والنفسية للمواطنين.
“كنا نظن أن الحريق سيوقظ السلطات من سباتها، لكن لا جديد.. نفس الفوضى، ونفس الناس، ونفس التسيب”، يقول أحد سكان الحي، متسائلاً: “هل ننتظر كارثة أخرى لنتحرك؟”.
ورغم مرور أسابيع على الحادث، لم تُسجل أي حملة حقيقية لتحرير الملك العمومي، أو مراجعة تصاميم البنية التحتية، أو حتى التواصل مع السكان وطمأنتهم. بل إن بعض الباعة زادوا من مساحات الاحتلال، مستغلين غياب المراقبة وانشغال الرأي العام بقضايا أخرى.
ويعتبر حي سيدي ميمون من الأحياء التاريخية المجاورة للمدينة القديمة، ويحظى بقيمة عمرانية وثقافية كبيرة، إلا أن ما يعيشه من تهميش وتحول تدريجي إلى فضاء عشوائي، يُهدد سمعته السياحية وكرامته المجالية.
في ظل هذا الوضع، يطالب المواطنون بتدخل عاجل وفعّال من طرف ولاية جهة مراكش آسفي، ومجلس جماعة مراكش، لتحرير الملك العمومي، وإعادة هيكلة الحي بما يليق بمكانته وتاريخه، بدل تركه رهينة الفوضى والمضاربات الصغيرة.
فالعشوائية، إن تُركت، لا تحترق بالنار، بل تزداد اشتعالاً في غياب القرار.