هيئة التحرير
تعود من جديد إلى الواجهة تساؤلات حارقة حول ما يجري داخل المديرية الجهوية للضرائب بمراكش، في ظل مؤشرات مثيرة للقلق بشأن بما وصفته مصادرنا غياب الشفافية وتفشي ممارسات يُعتقد أنها تضرب مبدأ العدالة الجبائية في العمق. فبعدما نشرت جريدة “كلامكم” مقالاً سابقاً عن حالة الاحتقان التي يعيشها الموظفون داخل هذه المديرية بسبب أسلوب تعامل المدير الجهوي، وما يعتبره البعض مساساً بكرامتهم المهنية، توصلت الجريدة بوابل من الاتصالات من مرتفقين يشكون من معاناة مماثلة، ولكن هذه المرة من زاوية أخرى.
حسب ما أكده متضررون للجريدة، فقد أصبح من شبه المستحيل تسوية ملف جبائي أو الحصول على خصم على الغرامات والذعائر دون المرور عبر مكاتب بعينها بمدينة مراكش، على رأسها ما يُعرف بمكتب (م.) ومكتب (ب…) واللذان يضمان محاسبين يمارسون ما يشبه “وساطة غير رسمية” في مقابل عمولات تُستخلص من قيمة الخصم المحصل عليه.
المثير في هذه الشهادات، أن الحديث لا يدور عن ملفات صغيرة أو خصومات عادية، بل عن مبالغ ضخمة قد تصل إلى ملايين الدراهم، وعن خصومات كبيرة. وتؤكد المصادر أن هذه “الخدمات” لا تُقدم مجاناً، بل تُفرض مقابلها “أتعاب” تُحتسب كنسبة مما يتم تخفيضه من المبلغ الأصلي، ما يجعل هذه الممارسات أقرب إلى السمسرة منها إلى أي مسار قانوني.
الشارع الجبائي في مراكش بات يتداول هذه الوقائع بشكل واسع، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى نجاعة منظومة الحكامة داخل المديرية، ومدى احترام مبادئ الشفافية والمساواة بين دافعي الضرائب. كما يثير الموضوع تساؤلات حول الدور الحقيقي للمجالس الرقابية، وعلى رأسها المفتشية العامة للمالية والمجلس الجهوي للحسابات، في رصد هذه التجاوزات المفترضة.
في انتظار تحرك رسمي من طرف وزارة الاقتصاد والمالية لفتح تحقيق معمق في هذه الشبهات، تبقى الثقة في الإدارة الجبائية على المحك، كما تظل كرامة الموظف النزيه ومصلحة دافع الضرائب العادي رهينة بمنظومة يُخشى أنها أصبحت فريسة لعلاقات الزبونية و”تسويات المكاتب”.
فهل تتحرك الوزارة؟ وهل يجرؤ المجلس الجهوي للحسابات على الدخول في عمق هذا الملف؟
أسئلة مشروعة، والإجابة عنها لن تكون إلا من خلال فعل رقابي جريء ومسؤول.
ولنا عودة للموضوع وتفاصيل أخرى..