قضية المرأة ليست قضية نساء فقط، فلماذا يصمت السياسيون المغاربة

قضية المرأة ليست قضية نساء فقط، فلماذا يصمت السياسيون المغاربة

- ‎فيرأي
240
0

بقلم: ريما لبلايلي

في خضم الجدل الذي أثارته تصريحات السيد عبد الإله بن كيران الأخيرة، والتي حملت في طياتها نزوعاً نحو تكريس نظرة تقليدية تنميطية للمرأة، استوقفني شيء آخر، لا يقل إزعاجاً عن فحوى تلك التصريحات نفسها: غياب أو فتور مواقف عدد من القادة السياسيين الذين كنا ننتظر منهم أن يردوا بقوة، لا لمجرد الدخول في سجال إعلامي، بل لحشد جبهة ديمقراطية واضحة في وجه الخطاب الظلامي الذي يتهدد ما راكمه المغرب من مكتسبات في مجال حقوق النساء.

هذا الغياب لا يمكن تبريره بزخم الأحداث أو الأولويات السياسية؛ بل يعكس تصوّراً خطيراً ومغلوطاً مفاده أن قضايا النساء يجب أن تظل محصورة في دائرة اهتمام الجمعيات النسائية وحدها. وكأن النضال من أجل مناهضة التمييز، وردع التنميط والإقصاء، هو شأن يخص النساء فقط، أو في أحسن الأحوال، مسألة ثانوية لا تستحق الانخراط السياسي الوازن.

لكن الحقيقة أن قضية المرأة هي قضية مجتمع بأسره. لا يمكن الحديث عن التنمية ولا عن الديمقراطية ولا عن العدالة الاجتماعية، دون جعل حقوق النساء محوراً مركزياً في أي مشروع إصلاحي، كما جاء في توصيات النموذج التنموي الجديد. إن الدفاع عن النساء هو دفاع عن نصف المجتمع، بل عن الأسرة والمدرسة وسوق الشغل والحياة العامة. إنه دفاع عن حق الفتيات في أن يحلمن، وعن حق الأمهات في الكرامة، وعن حق المواطنات في المساواة. و أذكر هنا السياسيين المغاربة الرجال منهم الذين لم ينخرطو في هذا النقاش و لو بتنديد أو مطالبة الأمين العام لحزب العدالة و التنمية بالاعتذار، أن جلالة الملك محمد السادس رجل المغرب الأول يواصل، منذ سنوات، التأكيد في خطاباته السامية على مركزية النهوض بوضعية المرأة في مشروع المغرب الحديث، إلا أننا نكاد نرى انخراطًا أحاديًا في هذا الورش الكبير، يأتي من أعلى سلطة في البلاد، بينما يظل تجاوب عدد من القادة السياسيين دون مستوى التطلعات. ففي خطابه الأخير بمناسبة عيد العرش، شدّد جلالته على أن:

“نؤكد ضرورة المشاركة الكاملة للمرأة المغربية في كل المجالات، وإزالة العراقيل التي تحول دون تمكينها من أداء أدوارها كاملة.

نعم هذه هي العراقيل التي طلب جلالته بإزالتها؛ كل خطاب يعيد المرأة إلى هامش الحياة، ويختزل دورها في قوالب مسبقة، هو خطاب يُفقر النقاش العمومي ويهدم من الداخل كل أمل في مجتمع متوازن. وكل صمت سياسي عن هذا الخطاب، هو تواطؤ ضمني يعطيه شرعية لا يستحقها.

إننا اليوم في مفترق طرق: إما أن نواصل التقدم نحو مجتمع عادل، يضع الإنسان، رجلاً كان أو امرأة، في قلب مشروعه التنموي، وإما أن نترك الساحة فارغة لمن يريد أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء.

لهذا، من واجب الفاعلين السياسيين، رجالا ونساء، أن ينخرطوا بوضوح في الدفاع عن حقوق النساء، وأن يناهضوا كل محاولة لتسفيه هذا النضال أو اختزاله في “معركة نسوية” ضيقة. فالمعركة الحقيقية اليوم هي معركة قيم، وهي معركة الجميع

 

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

لقجع: ” مؤسسة المغرب 2030 ليست مجرد هيكل إداري بل أداة استراتيجية لترجمة التوجيهات الملكية”

سمية العابر-الرباط قال فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف