هيئة التحرير
في قلب الساحل الأطلسي، على بعد كيلومترات قليلة من مدينة آسفي، تقع جماعة الصويرية القديمة، تلك البقعة الهادئة التي تحتضنها الطبيعة بجمالها الأخّاذ، وتغمرها الأمواج الهادئة بأمل مؤجل. منطقةٌ ساحلية تمتلك مؤهلات سياحية نادرة، لكنها تعيش في ظل تهميش واضح، يجعلها خارج اهتمامات الترويج السياحي الوطني.
وجهة بحرية بامتياز
تُعدّ الصويرية من المناطق القليلة التي تُوفّر شروط السياحة الشتوية في المغرب، بفضل مناخها المعتدل شتاءً، وشاطئها النظيف والهادئ، الذي يجذب عشاق الرياضات البحرية وركوب الأمواج. كما تتميّز بهدوئها الاستثنائي، ما يجعلها وجهة مثالية للباحثين عن الاستجمام بعيدًا عن صخب المدن.
ورغم هذه الخصائص الفريدة، لا تزال الصويرية خارج أجندات المكتب الوطني المغربي للسياحة، الذي لم يخصّها بأي حملة ترويجية تُبرز مؤهلاتها وتدفع بالمستثمرين نحوها.
فندق وحيد يُصارع العزلة
في مشهد يعكس حجم الإهمال، تضم الجماعة فندقًا واحدًا فقط هو “L’Arganier Solitaire”، والذي يعاني خلال معظم السنة، وخصوصًا في فصل الشتاء، من شبه فراغ تام نتيجة غياب الزوار وعدم الترويج للمنطقة كوجهة سياحية. الفندق الذي يتموقع وسط طبيعة خلابة، ويقدّم خدمات محترمة، أصبح مرآة حقيقية لمآل الاستثمار السياحي في المنطقة: محاولات فردية تواجه التجاهل المؤسسي.
غياب تام للمرافق والخدمات
إلى جانب ضعف الإيواء، تعاني الصويرية من غياب شبه كلي للبنيات التحتية والمرافق الأساسية. لا وجود لفروع للأبناك، ولا حتى شبابيك أوتوماتيكية، ما يشكل عائقًا أمام الزوار. كما تغيب المرافق الترفيهية والمطاعم المصنفة، إضافة إلى ضعف الربط الطرقي والانعدام شبه التام للإنارة العمومية في بعض المناطق.
فرصة استثمارية وسياحية ضائعة
في الوقت الذي يسعى المغرب إلى تنويع وجهاته السياحية وتوسيع دائرة الاستقطاب، تظل الصويرية القديمة مثالًا صارخًا لمنطقة تملك كل المقومات لكنها لا تجد من يُروّج لها أو يستثمر فيها. فالشاطئ الممتد، والهدوء النادر، وكرم السكان، كلّها عناصر تجعل من الصويرية وجهة يمكن أن تنافس مناطق ساحلية عالمية، لو توفرت لها العناية والاستثمار اللازم.
دعوة إلى المكتب الوطني المغربي للسياحة
إن بقاء الصويرية خارج رادار الترويج الرسمي يمثّل خسارة حقيقية. لذلك، فإن المكتب الوطني المغربي للسياحة مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بإدراج الصويرية ضمن حملاته الترويجية، وإطلاق برامج تحفيزية للمستثمرين، ودعم البنيات الأساسية، حتى تتحول هذه الجماعة الساحرة إلى وجهة حقيقية تستقبل الزوار على مدار السنة.
الصويرية القديمة لا ينقصها شيء سوى الالتفاتة.. فهل تتحرك الجهات المسؤولة قبل أن يُغلق فندقها الوحيد أبوابه، وتُطوى صفحة أخرى من فرص التنمية المهدورة؟