رشيد سرحان
يشهد المغرب هذه الأيام ظاهرة بيئية مقلقة تمثلت في تصاعد ظهور العقارب والأفاعي في مناطق متعددة من البلاد، خاصة في الأرياف والمناطق الجبلية. وقد ترافقت هذه الظاهرة، الممتدة منذ أوائل يونيو الجاري، مع موجة حر غير مسبوقة دفعت بهذه الزواحف السامة إلى الخروج من أوكارها، لتتسلل نحو المزارع والمنازل بحثًا عن الظل والرطوبة.
تشير الإحصاءات الرسمية إلى تسجيل قرابة 25 ألف حالة لسعة عقرب سنويًا، تتركز غالبيتها في شهور الصيف، إلى جانب نحو 500 لدغة أفعى، تشكّل تهديدًا مباشرًا لحياة الأطفال وكبار السن. ومن أبرز المناطق المتأثرة: تازة، بني ملال، أزيلال، درعة–تافيلالت، وخنيفرة، وصولًا إلى سوس–ماسة ومراكش–آسفي.
وفي استجابة لهذه التطورات، كثّفت وزارة الصحة مجهوداتها عبر تزويد المراكز الجهوية بأمصال الأفاعي، في حين لا يزال مصل العقارب محدود التوفر بسبب تعقيدات تصنيعه ومخاطره المحتملة. كما أُطلقت حملات تحسيسية تحذر من استخدام “الوصفات الشعبية” مثل التشريط أو الشفط، وتشدد على أهمية التعامل العلمي مع الحالات الطارئة.
يرى خبراء البيئة أن هذا “الزحف السام” ما هو إلا نتيجة طبيعية لتغيّر المناخ واختلال التوازن البيئي، حيث تنشط الزواحف في الأجواء الحارة وتغادر مخابئها طلبًا للبقاء. وهو نداء مفتوح إلى المواطنين باتباع إجراءات الوقاية من قبيل تفتيش الملابس والأحذية قبل ارتدائها، ارتداء أحذية مغلقة عند الخروج، وتنظيف محيط المنازل من الأعشاب والحجارة.
في هذا الصيف الحارق، لا يُطلّ الخطر من السماء وحدها، بل ينسلّ من تحت الأقدام أيضًا، ليعيد التذكير أن درء البلاء لا يكون بالتراخي، بل بالوعي، والوقاية، والتأهب العلمي المدروس.