الجزائر تغيّر لهجتها: من الإدانة إلى التهدئة خوفًا من ان يطالها نيران الحرب

الجزائر تغيّر لهجتها: من الإدانة إلى التهدئة خوفًا من ان يطالها نيران الحرب

- ‎فيسياسة
172
التعليقات على الجزائر تغيّر لهجتها: من الإدانة إلى التهدئة خوفًا من ان يطالها نيران الحرب مغلقة

طارق واعراب

لم تمضِ سوى أيام معدودة بين بيان وزارة الخارجية الجزائرية الصادر يوم 13 جوان 2025 وبيانها الآخر في 22 جوان، لكن الفرق بينهما شاسع، ليس في التوقيت بل في المضمون والنبرة، ما يكشف عن تغير دراماتيكي يعكس حالة ارتباك وخوف واضحين لدى الجزائر، التي كانت حتى الأمس القريب تتحدث بلغة الممانعة والتصعيد، قبل أن تتحول فجأة إلى لغة التهدئة والدعوة إلى الحوار.

في البيان الأول، أدانت الجزائر بشدة “العدوان الإسرائيلي السافر” على إيران، ووصفت ذلك بوضوح بأنه “خرق فاضح للقانون الدولي”، محملة الاحتلال الإسرائيلي تبعات ما جرى، ومؤكدة دعمها لمبدأ الردع ورفض سياسة الإفلات من العقاب. أما في البيان الثاني، وبعد دخول الولايات المتحدة الأميركية رسميًا على خط المواجهة عبر قصف المنشآت الإيرانية، اختفت كلمات “العدوان” و”الاحتلال”، ليحل محلها “القلق البالغ” و”الدعوة إلى ضبط النفس”، في لغة ناعمة لا تشبه إطلاقًا ما عهدناه من الخطاب الجزائري.

هل الجزائر خائفة؟ الجواب نعم.

هذا الانقلاب في الموقف ليس عبثيًا. بل يعكس خشية حقيقية لدى السلطات الجزائرية من أن تكون هي الهدف التالي بعد إيران. في الأسابيع الأخيرة، كثُر الحديث – وإن كان في الكواليس وغير معلن رسميًا – عن أن إسرائيل، بدعم من قوى غربية، قد تتحرك في المرحلة المقبلة نحو محاصرة النفوذ الجزائري، نظرًا لتعنت الجزائر التقليدي ورفضها لأي شكل من أشكال التطبيع، وسياستها المتشددة تجاه إسرائيل لعقود من الزمن.

وتدرك الجزائر أن التقارب العميق بينها وبين إيران لم يعد مقبولًا لدى بعض الأطراف الدولية، خصوصًا في ظل تنامي التعاون الأمني والدبلوماسي بين البلدين. لذلك، بدأنا نلاحظ في الأيام الأخيرة تحولًا واضحًا في نبرة الإعلام الجزائري الرسمي وشبه الرسمي، الذي صار يحاول التخفيف من حدة المواقف، بل وبدأ يتنصل تدريجيًا من العلاقة “الاستراتيجية” التي طالما تباهى بها مع طهران.

 

الخطاب الجديد لا يُمكن تفسيره كتحول دبلوماسي طبيعي. إنه بكل وضوح محاولة دفاع استباقي، ورسالة “حسن نية” مبطنة موجهة إلى واشنطن وتل أبيب على حد سواء. الجزائر تحاول أن تقول الآن: “لسنا طرفًا مباشرًا في الصراع… لسنا امتدادًا لإيران… ولا نريد التصعيد”.

لكن هذه التهدئة المفاجئة، التي تأتي على حساب المبادئ التي طالما رفعتها الجزائر، تطرح تساؤلات كبرى حول مصداقية مواقفها، وقدرتها الفعلية على الصمود حين تقترب النار من حدودها.

يمكنك ايضا ان تقرأ

بونو يتألق ويحفظ ماء وجه الهلال في كأس العالم للأندية

رشيد سرحان أنقذ حارس المنتخب الوطني المغربي ياسين