هل تتحول أزمة الماء إلى ورقة انتخابية؟ في جهة مراكش آسفي، العطش يحاصر القرى والمشاريع الحزبية على الورق… وحدها المبادرات الملكية تُروى

هل تتحول أزمة الماء إلى ورقة انتخابية؟ في جهة مراكش آسفي، العطش يحاصر القرى والمشاريع الحزبية على الورق… وحدها المبادرات الملكية تُروى

- ‎فيبلاحدود, في الواجهة
259
0

نورالدين بازين

في ظل استمرار أزمة ندرة المياه، يبدو أن بعض الأحزاب السياسية بدأت تلوّح بحلول “نظرية” للمشكل، محاولة تحويل أزمة الماء إلى ورقة انتخابية مربحة، خصوصًا مع اقتراب الاستحقاقات المقبلة. لكن الواقع الميداني، خاصة بجهة مراكش آسفي، يكشف أن ما يُقال لا يُترجم إلى أفعال، وأن العطش بات واقعًا مريرًا يعانيه سكان القرى وحتى أطراف الحواضر.

جهة مراكش آسفي، التي تُعد من أكثر الجهات تضررًا من التغيرات المناخية وتراجع التساقطات، تعيش تحديًا حقيقيًا في ما يخص التزود بالماء. فقد عرف إقليم الرحامنة، وسيدي بوعثمان، وشيشاوة ودوائر الحوز، وعدد من المناطق القروية التابعة لمراكش انقطاعات متكررة للماء الشروب، وأزمات في صهاريج التزويد. وتشتكي الساكنة من غياب حلول ملموسة رغم ما يتم الترويج له من طرف بعض المنتخبين المحليين عن “برامج مهيكلة قادمة”.

يقول أستاذ وباحث في الموارد الطبيعية بجامعة القاضي عياض، د. ي. ، إن “الإشكال لا يرتبط فقط بندرة الماء، بل بسوء تدبير ما هو موجود، وغياب استراتيجية واقعية لدى المنتخبين المحليين”، مشيرًا إلى أن “الحلول تحتاج إلى إرادة سياسية، لا إلى شعارات انتخابية موسمية”.

محطة تحلية آسفي.. مشروع استراتيجي بنَفَس ملكي

وسط هذا الواقع الصعب، يبرز مشروع محطة تحلية مياه البحر بآسفي كمبادرة استراتيجية تأتي ضمن الرؤية الملكية الرامية إلى تأمين الأمن المائي للمملكة. المشروع، الذي يدخل ضمن البرنامج الوطني الكبير 2020–2027، يُرتقب أن يُزوِّد أزيد من 1.2 مليون نسمة بالماء الشروب، بما في ذلك مدن آسفي، اليوسفية، ومناطق واسعة من إقليم شيشاوة وحتى أجزاء من نواحي مراكش مستقبلاً.

وتُعد هذه المحطة، التي ستمتد على مساحة 20 هكتارًا، من بين المشاريع التي تحظى بالأولوية، نظرًا لما تشهده المنطقة من ضغط مائي كبير، خصوصًا في فصل الصيف ومع تزايد النشاط الصناعي والفلاحي. كما أنها ستُساهم في تقليص الاعتماد على المياه الجوفية التي تعرف استنزافًا مقلقًا.

وبحسب مصادر تقنية، فإن المشروع سيمر من عدة مراحل تقنية متقدمة، وسيعتمد على تقنيات تحلية منخفضة الطاقة، مما يضمن استدامة التزود ويقلص كلفة التشغيل على المدى البعيد. كما أنه سيُربط بشبكة ضخمة لتوزيع الماء نحو المناطق الداخلية، ما يجعله مشروعًا وطنيًا بامتياز، وليس فقط حلاً محليًا.

وعود الأحزاب… والواقع الصامت

رغم أهمية المشروع، لا تزال بعض الأحزاب السياسية تحاول تقديم حلول موازية تتحدث عن مشاريع حفر الآبار أو نقل المياه من مناطق بعيدة، لكنها تظل مبادرات غير واقعية وغير مؤطرة بأي التزام فعلي على الأرض. وبين ما يُقال وما يُنفذ، يظل المواطن رهينة عطش يومي، يزداد مع اشتداد الحرارة وقلة الموارد.

يقول فاعل جمعوي من جماعة بالرحامنة : “نحن لا نريد وعودًا جديدة، نريد فقط الماء. فقد مللنا من صهاريج تأتي أسبوعًا وتغيب شهرًا، ومن زيارات مسؤولين يعدوننا بمحطات جديدة ولا نراها إلا في الجرائد.”

وفي النهاية، يبدو أن أزمة الماء لن تُحل عبر صناديق الاقتراع فقط، بل عبر رؤية استراتيجية وطنية كما عبّرت عنها توجيهات الملك محمد السادس. فهل تتوقف الأحزاب عن استغلال العطش انتخابيًا وتبدأ في العمل الواقعي؟ أم أن الماء سيظل مادة انتخابية إلى حين إشعار آخر؟

 “أزمة الماء في جهة مراكش آسفي بالأرقام”

  • نسبة العجز المائي بالجهة: %43

  • عدد الجماعات القروية المتضررة: +50 جماعة

  • معدل التساقطات خلال آخر 5 سنوات: انخفاض بـ 30%

  • التزود بالماء الشروب عبر الصهاريج: %60 من القرى

  • عدد المشاريع الحزبية المنجزة فعليًا: 0 (في بعض الأقاليم)

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

مطالب عاجلة بتوفير الأمصال لسم العقارب والأفاعي في القرى والمناطق النائية بجهة بني ملال خنيفرة

عبد العزيز المولوع/ بني ملال في ظل ارتفاع