نور الدين بازين
في الوقت الذي تُعد فيه الصحافة الجهوية ركيزة أساسية للتنمية المحلية، تعيش العديد من المنابر الإعلامية الجادة بجهة مراكش آسفي حالة من التهميش والإقصاء الواضح من طرف مؤسسة العمران بالجهة، في ما يشبه سياسة ممنهجة لضرب صوت الإعلام المهني الجهوي.
مصادر مهنية مطلعة تشير إلى أن مؤسسة العمران مراكش آسفي تواظب على تخصيص ميزانيات إشهارية مهمة لفائدة مجموعة من الجرائد الوطنية، لكنها في المقابل تغلق الباب بالكامل أمام الصحف الجهوية، وكأن هذه الأخيرة لا تستحق الدعم أو حتى الاعتراف بوجودها. والمفارقة أن هذا الإقصاء يأتي رغم ما تبذله الصحافة المحلية من مجهودات لمواكبة قضايا الجهة والوقوف على الاختلالات، بل وتغطية مشاريع العمران نفسها.
والأدهى من ذلك، أن المسؤول الأول عن هذه المؤسسة الجهوية، يُتهم من طرف العديد من الفاعلين الإعلاميين بمراكش آسفي بأنه يكنّ نوعًا من النفور وربما “الحقد غير المفهوم” تجاه الصحافة الجهوية، إذ لا يكتفي فقط بحجب الإشهار العمومي، بل يغلق باب التواصل مع الصحفيين المهنيين ويتهرب من تقديم المعطيات، ضاربًا عرض الحائط بحق المواطن في الوصول إلى المعلومة.
هذا التوجه يطرح أكثر من سؤال حول مدى التزام مؤسسة عمومية بحجم العمران بمبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، ويثير مخاوف حقيقية بشأن وجود نية لقتل الصحافة الجهوية عبر خنقها مالياً ومعنوياً، في وقت أصبح فيه هذا النوع من الإعلام يشكل صمام أمان ضد الفساد والتجاوزات على المستوى الترابي.
إن الحديث عن تنمية جهوية في ظل هذا التمييز الفج بين الصحافة الوطنية والجهوية يبقى مجرد شعار فارغ، ما لم يتم تصحيح هذه السياسات الأحادية، وفتح المجال أمام الإعلام المحلي ليكون شريكًا فاعلًا لا ضحية لمزاجية مسؤول أو توجه إداري غير شفاف.
فهل يتحرك المسؤولون الجهويون والمركزيون لوقف هذا الانحراف في تدبير المال العام والدعم الإشهاري؟ أم أن صحافة مراكش آسفي مطالبة بالصمت حتى إشعار آخر؟