خولة العدراوي/ تصوير: ف. الطرومبتي
مراكش – شهدت ساحة قريبة من البرانس، قبل قليل، حادثاً تقنياً خطيراً إثر سقوط آلة هدم من نوع “طراكس” (المعروفة أيضاً محلياً بـ“دانبيرة”) خلال أشغال هدم البناية التاريخية التي كانت تأوي في السابق مقر بنك BMCE ثم Bank of Africa، في قلب المدينة الحمراء.
الحادث، الذي أثار حالة من الاستنفار في صفوف السلطات المحلية، لم يسفر عن إصابات في الأرواح، لكنه طرح تساؤلات حقيقية بشأن إجراءات السلامة المتبعة في أوراش هدم بنايات قديمة وهشة، خصوصاً في محيط يعج بالمارة والسياح.
ووفق ما أفادت به مصادر من عين المكان، فقد انزلقت الآلة من مستوى علوي بالبناية أثناء عملية الهدم، مرجّحة أن تكون الأسباب مرتبطة بضعف البنية الأرضية التي تأثرت بالزلزال الأخير، أو بسبب خطأ تقني في توزيع الأحمال أو حركة غير محسوبة من الآلة.
البناية المعنية تعود إلى الثلاثينيات من القرن العشرين، وكانت تُعرف في البداية باسم Crédit Foncier de la Tunisie et de l’Algérie، قبل أن تتحول إلى مقر للبنك المغربي للتجارة الخارجية BMCE، ومن ثم Bank of Africa. وهي تُعد واحدة من معالم الحقبة الاستعمارية التي شكّلت الطابع المعماري الحديث لوسط المدينة.
وجاء قرار الهدم بعد سلسلة من الاجتماعات الرسمية بمقر ولاية جهة مراكش آسفي، بناءً على تقارير مكاتب دراسات وخبرة أكدت أن البناية تشكل خطراً داهماً بعد الأضرار الهيكلية التي لحقت بها جرّاء زلزال الحوز. وقد تم الاتفاق بين السلطات والبنك المالِك على إعادة بناء العقار بنفس المواصفات الأصلية، حفاظاً على هويته المعمارية والتاريخية.
وقد أكدت إدارة البنك التزامها بتمويل عملية إعادة التشييد بشكل كامل، تحت إشراف خبراء متخصصين في ترميم البنايات التراثية. غير أن حادث سقوط “الطراكس” فتح نقاشاً جديداً حول مدى جاهزية المقاولات المنفذة، وأهمية تشديد مراقبة شروط السلامة في أوراش الهدم التي تهم بنايات تراثية تقع في محيط سكاني وسياحي حساس.
ويُدرج هذا المشروع ضمن برنامج أشمل لإعادة الاعتبار للمعالم المعمارية التاريخية التي تضررت بفعل الزلزال، في إطار رؤية رسمية تهدف إلى الحفاظ على الذاكرة الحضرية لمراكش وضمان توازنها العمراني.
