فضيحة اختلالات مشروع “مراكش الحاضرة المتجددة” تهز مؤسسة العمران ومسؤولين كبار تحت المجهر

فضيحة اختلالات مشروع “مراكش الحاضرة المتجددة” تهز مؤسسة العمران ومسؤولين كبار تحت المجهر

- ‎فيفي الواجهة, مجتمع
208
0

طارق أعراب

في وقت تعيش فيه المؤسسات العمومية على إيقاع الدعوات المتكررة لإرساء الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، تفجرت في جهة مراكش آسفي واحدة من أكبر قضايا التدبير العمومي المرتبط بالمشاريع الملكية، بعدما كشفت التحقيقات عن خروقات وصفت بـ”الجسيمة” شابت تنفيذ مشروع “مراكش الحاضرة المتجددة”، الذي شكل لعقود واجهة النموذج التنموي للعاصمة السياحية. القضية، التي تهز أركان مؤسسة العمران، تجاوزت مجرد تقارير تقنية لتكشف عن شبكة علاقات ومصالح، وتفتح الباب واسعًا أمام مساءلة عميقة لطرق تدبير المال العام ومشاريع الدولة.

كشفت مصادر مطلعة عن مستجدات خطيرة بخصوص ملف الاختلالات التي طالت مشروع “مراكش الحاضرة المتجددة”، أحد أكبر المشاريع الملكية الموجهة لتأهيل المدينة العتيقة والبنية التحتية للعاصمة السياحية للمملكة، حيث تم منع المدير الجهوي السابق لمؤسسة العمران بجهة مراكش آسفي من مغادرة التراب الوطني، بعد سحب جواز سفره، في إطار تحقيقات متواصلة تباشرها السلطات المختصة.

التحقيقات التي قادتها المفتشية العامة لوزارة الاقتصاد والمالية، وتبعتها تحريات من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أماطت اللثام عن شبكة من التجاوزات والمخالفات، شملت مسؤولين إداريين، ومكاتب دراسات، ومقاولين، من ضمنهم مقاول معروف ينحدر من مدينة آسفي، وُصف ملفه بـ”الثقيل”، نظراً لدوره في تعطيل وتأخير عدد من المشاريع ضمن البرنامج الملكي.

وأفادت المعطيات المتوفرة أن إحدى اللحظات المفصلية في التحقيق تمثلت في محاولة رشوة مفتش مكلف بالتدقيق، مما سرّع وتيرة الإجراءات، وأدى إلى زلزال إداري داخل مؤسسة العمران، تُوج بتعيين حسني الغزاوي رئيسًا مديرًا عامًا خلفًا لبدر الكانوني، في خطوة وصفت بمحاولة جادة لإعادة الثقة وإصلاح الأعطاب البنيوية داخل المؤسسة.

كما أظهرت التقارير والوثائق التي خضعت للتدقيق أن مؤسسة العمران بمراكش، خلال الفترة الماضية، رفعت تقارير مضلّلة إلى المسؤولة الوزارية الأولى على القطاع، التي تشغل أيضًا منصب عمدة المدينة، وإلى والي الجهة السابق، تضمنت نسب إنجاز خيالية وصلت إلى 98% في بعض المشاريع، خاصة في المناطق الروحية والسياحية للمدينة العتيقة، في حين أن الوقائع الميدانية كشفت تأخرًا كبيرًا، وتجاوزات مالية وتقنية فادحة.

وفي مقابل هذه المزاعم، كانت المؤسسة تتبنى خطابًا مؤسساتيًا يروج لنجاعتها وانخراطها في سياسة القرب من المواطن، مستندة إلى شهادات بعض المتعاملين معها، لكن التطورات الأخيرة نسفت هذا الخطاب وأبرزت الفجوة بين ما يروج له على الورق وما يُنفذ على الأرض.

وبينما تتواصل التحقيقات لتحديد كافة المسؤوليات، يسعى الرئيس المدير العام الحالي إلى تطهير المؤسسة من مخلفات التسيير السابق، رغم ما يواجهه من مقاومة من أطراف داخلية اعتادت على وضع الامتيازات خارج إطار المساءلة.

ويُعد هذا الملف من بين أبرز ملفات الفساد التي تفجرت خلال السنة الجارية، حيث أعاد إلى الواجهة إشكالية الحكامة في تدبير المشاريع العمومية الكبرى، وطرح أسئلة جوهرية حول فعالية منظومة الرقابة وربط المسؤولية بالمحاسبة، خاصة حين يتعلق الأمر بمشاريع ذات طابع استراتيجي وتحظى برعاية ملكية مباشرة.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

انكسار المرآة: إيران بين صدى الزئير وواقع الانهيار

بقلم : عبدالقادر العفسي / المغرب في مسرح الوجود