طارق واعراب/ تصوير: ف. الطرومبتي
في قلب المدينة القديمة، وتحديداً بجانب دوار كراوة بحي أكدال باحماد، يرقد ضريح “سيدي بودشيش” في وضعية أقل ما يقال عنها إنها مُهينة لذاكرة تاريخية وروحية ظلت حاضرة في وجدان ساكنة الحي لعقود. ضريح بلا قبة، بلا جدار، ولا أدنى حماية من عبث المارة أو تدنيس الحيوانات. مجرد قبر مرمي في الشارع، وسط الإهمال واللامبالاة.
روائح كريهة تزكم الأنوف، وبول وغائط يحيطان بالمكان من كل جانب، حتى تحوّل هذا المَعْلَم الديني إلى نقطة سوداء في النسيج العمراني للمدينة القديمة، بدل أن يكون فضاءً للتبرك أو التذكر أو على الأقل، مكانًا محفوظ الكرامة.
الساكنة المجاورة تضج بالغضب، وتطرح بإلحاح سؤالاً بسيطًا: من المسؤول؟
أهو مجلس الجماعة؟ أم السلطة المحلية؟ أم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية؟
وكيف يُعقل أن يُترك ضريح يحمل اسم “ولي صالح” في هذا الوضع المزري، دون قبة تحميه، ودون سياج يحفظ حرمته، بل دون حتى لوحة تعريفية تشرح للزائر من يرقد هنا؟
يقول أحد سكان دوار كراوة:
“واش معقول قبر سيدي بودشيش، اللي الناس ديال الحومة كيعرفوه وكان عندو حرمة، تولى مطرح ديال البول والوسخ؟ علاش ماكاينش شي تدخل من شي جهة مسؤولة؟”
الوضعية الحالية للضريح تفتح النقاش حول مدى احترام المدينة القديمة لموروثها الديني والروحي، خصوصاً في وقت تتسابق فيه جهات كثيرة لتثمين التراث اللامادي وجعله جزءاً من الهوية السياحية لمراكش.
فهل من التفاتة جادة لإعادة الاعتبار لهذا الضريح؟
وهل تتحرك الجهات المعنية لترميمه، أو على الأقل تنظيف محيطه، وصيانته من العبث؟
أم أن “سيدي بودشيش” سيظل شاهداً صامتاً على زمن لم يعد يقدّس لا الأضرحة، ولا التاريخ، ولا حرمة الموتى؟