طا،ق أعراب
تُعتبر مدينة مراكش من أبرز الحواضر المغربية التي تجمع بين الأصالة والانفتاح وتُشكل موقعًا استراتيجيا لكل المشاريع السياحية والبيئية الطموحة ومن بين الأفكار التي تلوح في الأفق مشروع إنشاء حديقة حيوانات حديثة ومتكاملة وهو مشروع قد يبدو طموحا في البداية لكنه ممكن وواقعي إذا تم التخطيط له بعناية مع احترام الخصوصيات المناخية للمنطقة.
مراكش تعرف تباينا حراريا واضحا حيث ترتفع درجات الحرارة صيفا إلى ما فوق الأربعين درجة وتنخفض شتاءً لتصل أحيانا إلى ما دون خمسة درجات خاصة في الليالي الباردة ورغم هذه الظروف إلا أن العديد من الحيوانات البرية حول العالم تتعايش مع مناخات مشابهة بل وتتأقلم معها بشكل طبيعي مما يفتح المجال أمام إمكانية استضافة أنواع متعددة في حديقة حيوانات مستقبلية.
من خلال بحث بسيط في الموسوعات العلمية المتخصصة في عالم الحيوان يمكن استنتاج لائحة متنوعة من الكائنات البرية التي يمكن أن تتأقلم مع مناخ مراكش مثل الأسد الإفريقي والغزال الصحراوي والقرد البربري والضبع والثعلب الأحمر إضافة إلى حيوانات صحراوية أصيلة مثل الجمل والمها العربي التي لا تتأثر بحرارة الصيف ولا ببرد الشتاء أما في عالم الطيور فيمكن استقبال أنواع كالنسر والصقر وأبو منجل واللقلق وكلها طيور عاشت طويلا في مناطق شبيهة بالمغرب من حيث الطقس والتضاريس كما يمكن إدراج بعض الزواحف المحلية مثل السلحفاة والأفعى المغربية مع الحرص على توفير التدفئة خلال الأيام الباردة.
نجاح حديقة الحيوانات في مراكش يمر عبر تصميم ذكي للمساحات يأخذ في الاعتبار خصوصية كل نوع حيث يتم توفير مناطق ظل طبيعية وملاجئ مبردة صيفا وأخرى دافئة شتاء مع خلق فضاءات مائية ونباتية تساهم في محاكاة بيئات الحيوانات الأصلية دون الحاجة لإهدار الموارد ويمكن أيضا استثمار الطاقة الشمسية لتشغيل أنظمة التهوية والتدفئة ما يجعل المشروع صديقا للبيئة ومستداما.
هذا النوع من المشاريع لا يخدم فقط الترفيه بل يحمل أبعادا تربوية وسياحية واقتصادية فهو يساهم في توعية الزوار خاصة الأطفال بأهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي ويُشكل نقطة جذب إضافية للمدينة التي تستقبل آلاف السياح سنويا كما يوفر فرص شغل دائمة وموسمية في مجالات عدة منها الرعاية البيطرية والإرشاد البيئي والخدمات اللوجستيكية .
يمكن القول إن مناخ مراكش رغم تحدياته ليس عائقا أمام إنشاء حديقة حيوانات بل قد يكون عنصر قوة إذا تم استغلاله بعقلانية فالموقع الجغرافي والمقومات السياحية والبشرية للمدينة تؤهلها لاحتضان مشروع بيئي ضخم يعكس وعي المغرب بأهمية التوازن بين التنمية والطبيعة ويعزز مكانته كوجهة سياحية ذات بعد حضاري وبيئي متكامل .