عيد الأضحى بين الكلفة الاقتصادية والحكمة الدينية: هل يمكن الاحتفال دون أضحية؟

عيد الأضحى بين الكلفة الاقتصادية والحكمة الدينية: هل يمكن الاحتفال دون أضحية؟

- ‎فيإقتصاد, في الواجهة
488
التعليقات على عيد الأضحى بين الكلفة الاقتصادية والحكمة الدينية: هل يمكن الاحتفال دون أضحية؟ مغلقة

 خديجة الحمزاوي/ صحفية متدربة

مع كل اقتراب لعيد الأضحى، تتجدد الهواجس في أذهان الأسر ذات الدخل المحدود: كيف يمكن التوفيق بين متطلبات الشعيرة وتحديات القدرة الشرائية؟ فارتفاع أسعار الأضاحي خلال السنوات الأخيرة جعل من اقتنائها عبئًا يفوق طاقة العديد من المواطنين، ما يدفع البعض إلى التساؤل المشروع: هل يمكن الاحتفال بالعيد دون ذبح، دون الإخلال بجوهر المناسبة؟

في المرجعية الإسلامية، تُعد الأضحية سنة مؤكدة لمن استطاع إليها سبيلًا. هذا المبدأ الفقهي يضع الاستطاعة المالية كشرط جوهري، وهو ما يغيب أحيانًا في التعاطي الاجتماعي مع المسألة، حيث يُحمّل العيد ما لا يحتمل من نفقات، وتُمارس ضغوطات رمزية على من يعجز عن الذبح، وكأن الأضحية أصبحت فرضًا اجتماعيًا أكثر منها عبادة اختياريّة.

من الزاوية الاقتصادية، لا يمكن إغفال التحول الذي شهدته سوق الماشية، حيث ارتفعت الأسعار بفعل مجموعة من العوامل، من بينها ارتفاع كلفة الأعلاف، الجفاف المتكرر، وتراجع القدرة الإنتاجية للكسابة. النتيجة: أضحية العيد لم تعد في متناول فئات واسعة من المجتمع، ما يفتح الباب أمام ضرورة إعادة قراءة السلوك الاستهلاكي المصاحب للعيد.

لكن هل يتعارض الامتناع عن الذبح مع مقاصد العيد؟ الجواب الديني واضح: لا حرج على من لم يستطع. بل إن الامتناع يصبح تصرفًا عقلانيًا يراعي التوازن بين الواجبات والأولويات، خصوصًا حين يكون الإنفاق على الأضحية مهددًا للاستقرار المالي للأسرة، أو يتم عبر الاستدانة أو التنازل عن حاجات ضرورية.

وفي المقابل، يمكن استحضار جوهر العيد من خلال صيغ بديلة: صلة الرحم، توزيع الطعام، دعم الفقراء، وإحياء مظاهر الفرح داخل الأسرة. هذه القيم لا تقل شأنًا عن الذبح، بل هي امتداد لمعنى التقوى الذي جاء به النص القرآني: “لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم.” (سورة الحج، الآية 37).

إن مواجهة التقاليد الاجتماعية بمنطق ديني واقتصادي متزن، قد تكون خطوة نحو تحرير الشعائر من ضغوط التفاخر والتكلف، وتكريس قيم العيد في بعدها الحقيقي: الرحمة، الحكمة، والعدل.

يمكنك ايضا ان تقرأ

إغلاق المجازر العصرية قبيل العيد يربك سوق اللحوم.. ومجزرة البلدية تنقذ الموقف

نورالدين بازين شهد سوق اللحوم بمدينة مراكش خلال