“ريع الزفت”… عندما تُعبّد الطرق لأجل الكراسي وليس من أجل المواطنين!

“ريع الزفت”… عندما تُعبّد الطرق لأجل الكراسي وليس من أجل المواطنين!

- ‎فيفي الواجهة, مجتمع
652
0

بقلم: حكيم شيبوب

في وقت تئن فيه القرى والمراكز الهامشية تحت وطأة العزلة والتهميش، يُفاجأ المواطن المغربي بعودة ظاهرة قديمة جديدة: تعبيد الطرقات وفق منطق انتخابي محض، لا علاقة له بالتخطيط أو العدالة المجالية.

طرقٌ تُزفت فجأة في مناطق لا تمثل أي أولوية حقيقية، فقط لأنها تُعد خزّانًا انتخابيًا لأحد المنتخبين أو نوابه. يحدث ذلك في أكثر من جهة، وبوتيرة مثيرة للريبة.

جهة مراكش آسفي باتت نموذجًا فاضحًا لهذا النوع من الريع الجديد.
ففي جماعة سعادة بضواحي مراكش، لاحظ المواطنون في الآونة الأخيرة تعبيد مسالك ترابية محددة لا تخدم سوى دواوير تقع ضمن النفوذ المباشر لبعض الأعضاء الجماعيين. في المقابل، تبقى مناطق أخرى داخل نفس الجماعة، رهينة للأتربة والحفر.

أما في إقليم الحوز، فالصورة أكثر وضوحًا، حيث يتم إحياء بعض المسالك النائية المرتبطة مباشرة بممتلكات أو مصالح خواص، في حين تُهمل مراكز حيوية مثل تحناوت، أوريكة، وأمزميز، والتي تُعاني من أعطاب حقيقية في البنية الطرقية منذ سنوات، دون تدخل يُذكر.

وتتقاطع هذه الوقائع مع ما يجري في مناطق مثل النواصر، برشيد، مديونة، والمحمدية، حيث تؤكد تقارير محلية أن هناك تلاعبًا مكشوفًا في برمجة مشاريع التهيئة، مع ضغوط غير مبررة على الشركات المنفذة لتوجيه الأشغال نحو دوائر انتخابية محسوبة على بعض الرؤساء.

الحديث لا يقتصر فقط على تزفيت الطرق، بل يمتد إلى تلاعب في دفاتر التحملات، زيادات في كميات الزفت، وإدراج “أشغال تكميلية” غير مبررة، وكل ذلك بهدف واحد: شراء الولاءات وتعزيز الحضور في صناديق الاقتراع على حساب المال العام.

مصادر من وزارة الداخلية لم تُخفِ انزعاجها من هذه الممارسات، وأكدت أن الإدارة المركزية تتابع الوضع بدقة، ومن المرتقب أن تشهد المرحلة المقبلة فتح تحقيقات معمقة، خصوصًا في الجهات التي تُسجل فيها فوارق صارخة بين الواقع الميداني وتوزيع المشاريع.

 أمام هذه التطورات، بات من الضروري ربط المسؤولية بالمحاسبة، ووضع حدٍّ لمظاهر استغلال التنمية لأهداف سياسية. فإما أن تكون الطرق وسيلة لفك العزلة عن المواطن، أو أن تتحول إلى حبال قانونية تجر المتورطين إلى المساءلة.

لأن الطريق يجب أن يُعبد للعدالة المجالية… لا للكراسي.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

مثلث برمودا: فياجرا السلطة و بخور الديوان و نقابة الخيانة ثلاثية الشعوذة في مدينة الأشباح ! 

بقلم : عبد القادر العفسي    سَئل أبو