حكيم شيبوب/ تصوير . ف. الطرومبتي
عامل الخراب: بورتريه في الفساد كبنية و السخرية قدرا !
بقلم: عبدالقادر العفسي/العرائش في ركح العبث الذي تتشكل
حكيم شيبوب/ تصوير . ف. الطرومبتي
رغم أن جلالة الملك، بدافع إنساني وتضامني، قرّر إلغاء ذبيحة عيد الأضحى لهذه السنة مع الحفاظ على الطابع الروحي للشعيرة، وذلك في سياق ظرفي استثنائي تعرفه البلاد، إلا أن بعض المراكشيين – ويا للمفارقة – أصروا على إبراز وجه آخر من التناقض الاجتماعي، عنوانه الأبرز: “الشكوى من الغلاء، والتهافت على الدوارة”.
نعم، هؤلاء أنفسهم الذين كانوا إلى وقت قريب يبكون عبر منصات التواصل ويشتكون من التهاب الأسعار، متسائلين: واش نقدروا نعيدو هاد العام؟ هم اليوم أنفسهم من يتسابقون على “الدوارة” و”الكرشة” و”الرأس”، غير آبهين بأنهم ساهموا، بهذا السلوك، في رفع أسعارها بطريقة جنونية وغير مبررة.
فمن المسؤول عن الغلاء؟
هل هو الجزار، أم المواطن الذي يتحوّل في لحظة من مستنكر إلى متهافت؟ كيف يُعقل أن يُلغى العيد بحجة غلاء الأسعار والجفاف والحفاظ على ثروة الماشية، فنجد البعض يُحييه خلسة بـ”دوارة مصطنعة” ولكن بـثمن مضاعف؟
ما حدث في مراكش في الأيام الأخيرة يكشف خللًا عميقًا في الوعي الجماعي. فبدل الالتزام بالقرار الملكي النبيل والاقتداء برمزيته التضامنية، انشغل البعض بتأثيث “مائدة عيد” منزوعة الذبيحة، لكنها محشوة بالنفاق، حيث تحوّلت الدوارة من عادة إلى مظاهرة استهلاكية تافهة، فيها الكثير من الرياء والقليل من الفهم.
الأسواق اكتظّت، الجيوب فرغت، والأسعار اشتعلت، وكل ذلك في سبيل “كرشة مشوية” و”رأس محمر”، وكأن الغلاء يُنسى عند أول رائحة شواء.
النتيجة؟
المتضرر الحقيقي هو المواطن البسيط الذي صدّق الرواية الرسمية واحترمها، فوجد نفسه أمام أسعار نار، لا ذبيحة في بيته ولا دوارة في طبقه، لأن إخوانه في المدينة قرروا خوض “عيد من تحت الدف”، ولكن بتكلفة تضرب في عمق القرار الملكي وتُجهض روحه التضامنية.
هل هي قلة وعي؟ أم غياب حس المواطنة؟
ربما الاثنين معًا. وما يزيد الطين بلّة أن البعض يفاخر عبر مواقع التواصل بمائدة العيد التي “صنعها” من رؤوس مبخرة ودوارات محشوة، متناسياً أن الفقراء الحقيقيين لم يجدوا حتى ما يُبخرونه.
إنها فوضى في السلوك، ومهزلة في القيم، حين يُطالب المواطن الدولة بمراعاة وضعه الاجتماعي، ثم يقف أول الصفوف في سباق “الدوارة”.
رسالة واضحة:
إذا أردنا التضامن الحقيقي، فلنبدأ أولًا بأن نكون صادقين مع أنفسنا، لا أن نزايد بالمعاناة ونستهلك في السرّ ما نرفضه في العلن.
بقلم: عبدالقادر العفسي/العرائش في ركح العبث الذي تتشكل