البدايات والدستور: نظرة في قرارات الحسن الثاني السياسية الأولى

البدايات والدستور: نظرة في قرارات الحسن الثاني السياسية الأولى

- ‎فيبلاحدود, في الواجهة
131
0

نورالدين بازين

في الفصل الخامس من كتاب “ذاكرة ملك”، الذي يتضمن حوارات بين الملك الحسن الثاني والصحفي الفرنسي إيريك لوران، يتناول الملك الراحل بداية عهده السياسي بعد وفاة والده محمد الخامس، مسلطًا الضوء على التحديات التي واجهها والقرارات التي اتخذها لتثبيت أركان الدولة المغربية الحديثة.

عند سؤاله عن قراراته السياسية الأولى بعد اعتلائه العرش، أشار الحسن الثاني إلى تقليص عدد أعضاء الحكومة من ستة وعشرين إلى ثلاثة عشر وزيرًا. وأوضح أن هذا التغيير لم يكن فقط نتيجة لقلق بعض الوزراء من غياب “التأمين على الحياة” الذي كان يمثله محمد الخامس، بل أيضًا بسبب عدم التفاهم مع بعضهم. وأكد أن من انسحبوا كانوا من الذين لم يكن يتفاهم معهم، معتبرًا أن التعامل مع فريق يتكون من أشخاص يكن لهم المودة كان أمرًا حسنًا.

فيما يتعلق بإعداد دستور سنة 1960، أقر الحسن الثاني بأنه استلهم دستور الجمهورية الخامسة الفرنسية. لكنه أشار إلى أن الأخلاق السياسية الفرنسية متجذرة منذ قرنين، وأن المثالب التي عانت منها الجمهورية الرابعة لم تكن سوى نتيجة لمختلف التجارب التي مرت بها فرنسا منذ 1789. وبالتالي، كان عليه تكييف النموذج الفرنسي مع السياق المغربي، مع الأخذ بعين الاعتبار التقاليد السياسية والدينية والاجتماعية للمملكة.

من خلال هذه الإجراءات، سعى الحسن الثاني إلى تأسيس سلطة ملكية قوية وفعالة، قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. وقد تجلى ذلك في تعزيز موقع الملك كأمير للمؤمنين، وضامن لوحدة الأمة واستمرارية الدولة، كما نص عليه الفصل 19 من الدستور.

يعكس هذا الفصل من “ذاكرة ملك” رؤية الحسن الثاني لبناء دولة مغربية حديثة، تستند إلى توازن بين التقاليد والحداثة، وبين الاستلهام من التجارب الدولية والتكييف مع الخصوصيات الوطنية. وقد شكلت هذه القرارات السياسية الأولى حجر الأساس لمسار طويل من الإصلاحات والتحديات التي واجهتها المملكة في العقود اللاحقة.

يتبع..

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

تعيينات ملكية تعزز الإدارة الترابية والدبلوماسية وتدعم الإصلاحات القطاعية

كلامكم طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وباقتراح