نورالدين بازين
في موقف نادر داخل مكونات الأغلبية الحكومية، وجّه كمال بنخالد، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة مراكش آسفي والمستشار البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، انتقادات حادة للمكتب الشريف للفوسفاط (OCP)، متهمًا إياه بالإخلال بمبدأ العدالة الجبائية والتمييز المجالي في توزيع عائداته الضخمة.
وجاء تدخل بنخالد خلال مشاركته في ندوة جهوية نظمت بمراكش تحت عنوان: “تعزيز جاذبية الجهة بين تحديات الاختصاصات ورهانات الحكامة”، حيث شدد على أن الجهة التي يمثلها لا تستفيد بالشكل المنصف من العائدات الجبائية للمؤسسات العمومية الكبرى، وعلى رأسها OCP، رغم المساهمة التاريخية والاقتصادية الهامة لهذه الجهة في النسيج الوطني.
تصريحات بنخالد جاءت بعد أقل من 24 ساعة من نشر موقع Le360، المعروف بقربه من دوائر القرار، لتقرير غير مسبوق في لهجته، وجه انتقادات لاذعة لمصطفى التراب، المدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط، متهمًا إياه بسوء التدبير وانعدام الشفافية في إدارة واحدة من أضخم المؤسسات الاقتصادية بالمغرب.
وقد أثار هذا التزامن تساؤلات حول ما إذا كانت هناك مراجعة مرتقبة لسياسات المكتب، خاصة في ظل تصاعد الأصوات التي تطالب بإعادة النظر في توزيع الثروات الوطنية بشكل أكثر عدالة.
أرباح بالملايير… وتنمية هشة في مناطق الإنتاج
بلغت إيرادات المكتب سنة 2023 أكثر من 91 مليار درهم، بصافي أرباح تجاوز 9 مليارات درهم. ورغم هذه الأرقام الضخمة، إلا أن المدن والجهات التي تحتضن مناجم المكتب ووحداته الصناعية، مثل اليوسفية وآسفي وخريبكة، ما تزال تعاني من مؤشرات تنموية مقلقة، وبنيات تحتية ضعيفة، ومعدلات بطالة مرتفعة.
وقد رصدت تقارير محلية فجوة صارخة بين ما يجنيه المكتب من موارد، وبين حجم مساهمته الفعلية في تحسين ظروف العيش في محيط أنشطته.
مركزية جبائية تُفرغ الجهوية من مضمونها
يرى خبراء الاقتصاد والمالية أن الإشكال لا يتعلق فقط بـ OCP كمؤسسة، بل بنظام جبائي مركزي يحتكر العائدات الضريبية ويوزعها وفق منطق إداري بعيد عن العدالة المجالية.
في هذا السياق، اعتبر أحد المحللين أن “غياب آلية لاقتطاع جزء من أرباح المؤسسات العمومية الكبرى لفائدة الجهات المنتجة، يجعل مشروع الجهوية المتقدمة مجرد شعار لا يترجم على أرض الواقع”.
مع تصاعد الانتقادات وتواتر المطالب بتوزيع منصف للثروات، يبدو أن المغرب في حاجة إلى “عقد جبائي جديد” يربط بين الربح الاقتصادي والمسؤولية الاجتماعية، ويُقر بحق الجهات في الاستفادة المباشرة من خيراتها.
وقد تكون تصريحات بنخالد بداية نقاش أعمق حول ضرورة تحيين العلاقة بين المؤسسات العمومية والمجال الترابي، ضمن تصور يقطع مع منطق “الريع الجبائي” ويؤسس لتنمية متوازنة ومستدامة.