من ذكاء الحسن الثاني إلى فطنة مولاي الحسن: حوار في ظلال الوفاء والسلالة

من ذكاء الحسن الثاني إلى فطنة مولاي الحسن: حوار في ظلال الوفاء والسلالة

- ‎فيسياسة, في الواجهة
637
0

حوار. نورالدين بازين

في الذكرى الثانية والعشرين لميلاد سمو الأميـر الـجليل ولي العهد مولاي الحسن
(08 ماي 2003- 08 ماي 2025)

في سياق الـحوار مع الدكتور عبد الجليل بن محمد الأزدي بصدد ترجمته لكتاب جورج ڤوشيه: في ظلال أرز إفران – محادثات حرة مع الـحسن الثاني ملك المغرب، قادنا الـحديث بكيفية عفوية نحو استحضار عديد الـمناقب والـخصال التـي كان المرحوم الـحسن الثاني يتحلى بها، وضمنها أنه كان عاهلا حيويا ونشيطا، وفصيحا طلق اللسان وسريع البديهة وذا ذكاء متقد وذاكرة قوية… وغيـر ذلك مما نبه عليه جورج ڤوشيه وهو يصوغ سيرة الحسن الثاني: طفلا وتلميذا وطالبا ووليا للعهد ثم ملكا على البلاد التي خرجت لتوها من وصاية الحماية الفرنسية.
وفي ذات السياق، نبه المتـرجم على أمرين جوهرييـن: أولهما أن كتاب جورج ڤوشيه خصص فقرة طويلة نسبيا للحديث عن حيوية ونشاط المرحوم الـحسن الثاني؛ وثانيهما أن خصال ومناقب الجد تحضر لدى الحفيد، سمو الأميـر الـجليل ولي العهد مولاي الـحسن، مثلما تدل على ذلك أعماله المتنوعة وأنشطته العديدة والغنية.

بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لميلاد ولي العهد الأمير مولاي الحسن، اخترنا أن نسلط الضوء على شخصية الملك الراحل الحسن الثاني، من خلال كتاب مهم حمل عنوان “في ظلال أرز إفران” للكاتب الفرنسي جورج ڤوشيه، والذي تكفل بترجمته الدكتور عبد الجليل بن محمد الأزدي، الباحث في العلوم السياسية والفكر السياسي.

في هذا الحوار، يحدثنا الدكتور الأزدي عن أهمية هذا المؤلَّف، وظروف ترجمته، وما يحمله من رسائل عميقة تتقاطع مع مسار ولي العهد الحالي، حفيد الحسن الثاني، في الانفتاح على العالم وصقل شخصيته القيادية منذ نعومة أظافره.

س. أشرتم إلى أن مناقب الحسن الثاني حاضرة اليوم لدى سمو ولي العهد مولاي الحسن، كيف تتجلى هذه الاستمرارية من وجهة نظركم؟

ج. إن خصال ومناقب الـجد التي تحضر لدى الـحفيد، سمو الأمير الجليل ولي العهد مولاي الـحسن، فقد شكل هذا الحوار مناسبة لاستحضار عديد الأعمال والأنشطة الغنية التي يظهر فيها ولي العهد حيويا وحازما ونشيطا وفَطِناً ورزينا. وقد استحضرنا كل ذلك ونحن على مشارف الذكرى الثانية والعشرين لميلاد سموه. فقد ولد مولاي الحسن في القصر الملكي بالرباط يوم 8 ماي 2003؛ ومنذ ولادته، حمل لقب صاحب السمو الملكي مولاي الحسن، ولي عهد المغرب. ومعلوم أنه أصغر ولي للعهد فوق عموم الكرة الأرضية.
وتمت تسميته حين ولادته: مولاي الحسن، تجسيدا لقيم ومبادئ الوفاء لـملكين عظيمين في تاريخ المغرب هما السلطان مولاي الـحسن الأول والملك الـحسن الثاني طيب الله ثراه.

 وكان أول ظهور رسمي له عام 2004 حين رافق والده في حفل استقبال خصه لبعثة المنتخب المغربي بعد عودتها من نهائيات كأس أفريقيا التي أقيمت بتونس. وقد أبان عن كفاءة عالية في التحصيل والدراسة؛ إذ حصل على شهادة البكالوريا بدرجة جيد جداً، في قسم العلوم الاقتصادية والاجتماعية من ثانوية دار السلام بالرباط. وستجدون في محادثات جورج فوشيه مع المغفور له الحسن الثاني حكاية التلميذ مولاي الحسن (الحسن الثاني) مع الباكالوريا التجريبية، ثم مع الباكالوريا الرسمية التي نجح فيها بامتياز مُشَرِّفن كما ستجدون في ثنايا الكتاب تفصيلا للمواد التي درسها المرحوم الحسن الثاني وطبيعة النقط التي كان يحصل عليها في المواد الكتابية والشفوية، وكذا شهادات أساتذته، المغاربة والفرنسيين، حول نبوغه وذكائه وفطنته وطلاقة لسانه وسرعة بديهته. ولا نشك إطلاقا في أن الكثير من هذه المناقب الجليلة والخصال الحميدة تتوفر في الأمير الجليل مولاي الحسن الذي يتقن الفرنسية والأنجليزية والإسبانية، مثلما كان جده يتقن الفرنسية والأنجليزية واللاتينية.

س: كيف تصفون علاقة الكاتب جورج ڤوشيه بولي العهد آنذاك، الأمير مولاي الحسن؟

ج: العلاقة كانت تربوية وإنسانية بالأساس. ڤوشيه لم يكن مجرد أستاذ فرنسي في مؤسسة النخبة بـ”كوليج ميشلفيل”، بل كان شاهدًا على ملامح شخصية استثنائية في طور التشكل. وقد عبّر عن ذلك بانبهار واضح، عندما تحدث عن حدس الأمير الصغير، وقوة شخصيته، ونباهته، بل وحتى نظرته للأشياء والناس.

س: هل نجد في هذا الكتاب إشارات إلى الشخصية السياسية للملك الحسن الثاني لاحقًا؟

ج: نعم، وبقوة. جورج ڤوشيه وصف الأمير الحسن بـ”الحدسي الصغير”، وأكد أن لديه نظرة بعيدة المدى. تحدث عن صمته البليغ، وعن ملاحظاته الذكية، وعن ميله للنظام والدقة. هذه كلها كانت نُذرًا مبكرة لقائد سياسي فذّ، وهو ما تحقق لاحقًا في شخصية الحسن الثاني.

س: هل يمكن أن نقول إن الكتاب يقدم جوانب غير مألوفة عن الحسن الثاني؟

ج: بالتأكيد. هو لا يقدمه فقط كشخصية سياسية، بل كطفل يعيش يومياته الدراسية وسط أرز إفران، طفل يُراقب العالم بصمت، يحب الفروسية، ويطرح أسئلة ذكية حول مفاهيم مثل الطموح والواجب والحذر. بل الأكثر من ذلك، نراه يتحدث عن علاقته بوالده السلطان محمد الخامس، وعن فهمه المبكر لمعنى أن يكون وريثًا للعرش.

س: هل وجدتم صعوبة في ترجمة النص إلى العربية، خاصة أنه يحمل طابعًا أدبيًا وشاعريًا؟

ج: نعم، التحدي كان في الحفاظ على شاعرية النص الفرنسي دون فقدان المعنى أو الانزلاق إلى زخرفة لغوية مبتذلة. حرصت على أن أكون أمينًا للأسلوب كما للروح، لأننا لا نترجم فقط كلمات، بل إحساسًا، وذاكرة، ونظرة.

س: لماذا تعتبرون نشر هذا النص في هذه المناسبة بالذات، ذكرى ميلاد ولي العهد مولاي الحسن، أمرًا ذا رمزية خاصة؟

ج: لأننا حين نحتفي بميلاد ولي العهد، نحتفي بمستقبل مؤسسة ملكية تضرب جذورها في التاريخ، ويجسّدها اليوم شاب يسير على خطى جده، الملك الحسن الثاني، ووالده، الملك محمد السادس. هناك تقاطع جيلين، وحِكمة تنتقل، ورؤية تتواصل. من هنا، فإن العودة إلى هذا النص تعني أيضًا فهمًا أعمق لهذا الامتداد الملكي.

س: في رأيكم، ما الرسالة التي يحملها هذا النص للأجيال الجديدة؟

ج: الرسالة هي أن القيادة تبدأ من الطفولة بالتنشئة الصارمة المتوازنة، بالحوار، بالتفتح على الآخر، وبالوعي بالمسؤولية. النص يُلهم القارئ ليدرك أن الملك لم يكن وليد لحظة اعتلاء العرش، بل مشروع بدأ منذ سنوات التكوين الأولى، وهي فكرة يمكن تعميمها على كل الطموحات الكبرى.

س. دكتور عبد الجليل، كيف تقرؤون اختيار سمو ولي العهد مولاي الحسن لتخصص العلاقات الدولية بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات؟

ج. إذا كان المرحوم الحسن الثاني قد تابع دراساته الجامعية في مركز الدراسات القانونية بالرباط، وهو المركز الذي كان تابعا لجامعة بوردو، ثم تابع دراساته للحصول على الدكتوراه في القانون بفرنسا، واهتم في بحثه لنيل شهادة الدكتوراه بموضوع علاقة الحكم زمن الخلفاء الراشدين بالأنظمة الديمقراطية الحديثة؛ فالأمير الجليل ولي العهد اختار كذلك الدراسة في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية UM6P وتخصص في العلاقات الدولية، وهو تخصص لا يختلف إلا قليلا عن الدراسات القانونية والـحقوقية التي تابعها العاهل المغربي محمد السادس نصره الله: والملك الحسن الثاني طيب الله ثراه. وإجمالا، فنحن كمواطنين متتبعين لشؤون الوطن، نلاحظ الكثير من الملاقي بين التي يشترك فيها سمو الأمير الجليل مولاي الحسن مع جده المغفور له الحسن الثاني، وهي ملاقي قد تحتاج إلى كتاب ضخم لعدها وإحصاءها، بعد معرفتها طبعا؛ إذ أن ما نعرفه قليل جدا، ولكنه يفي بالغرض لتوكيد استمرارية مجد العرش العلوي المجيد…

وقد ننتهز هذه الفرصة السانحة لتهنئة سمو الأمير الجليل بعيد ميلاده الثاني والعشرين،
راجين من العي القدير أن يحفظه ويسدد خطاه ويمده بالعون لأداء الأمانة العظمى الملقاة على كاهله. وأن يديم عز مولانا السلطان صاحب الجلالة والمهابة الملك محمد السادس نصره الله.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

انتشار “الحمقى” يثير قلق ساكنة حي الازدهار بمراكش: مطالب بتدخل عاجل لحماية السكان

خديجة العروسي تشهد منطقة حي الازدهار بمدينة مراكش