يتبع..
شرطة مراكش تحجز أزيد من 8 كلغ من المعسل المهرب داخل محل تجاري بشارع علال الفاسي
خديجة العروسي تمكنت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمراكش
بقلم: نور الدين بازين
في المغرب، يبدو أن شبح “البلقنة” لم يعد مقتصرًا على المجال السياسي كما درجت التوصيفات الكلاسيكية، بل امتدّ ليشمل كافة القطاعات: الثقافة، الصحافة، الشعر، الدعم العمومي، النشر، الانتخابات، وحتى الفعل الجمعوي والفني. لقد صار المشهد العام مذررًا، مفككًا، تهيمن عليه مجموعات صغيرة تدّعي كلٌّ منها امتلاك الشرعية الوحيدة لتمثيل القطاع أو التحدث باسمه، وتتبنى إقصاء الآخر كعقيدة لا محيد عنها.
لا حديث اليوم عن التعددية، بل عن “الوصاية”. في كل مجال، هناك من يرفع شعار “أنا وحدي من يمثل”، و”نحن الأحق”، و”الباقي طارئ أو دخيل”. وبدل أن يكون اختلاف الأجيال والثقافات والمرجعيات مصدر غنى وتكامل، صار مدخلًا للصراع على الشرعية، وعلى كعكة الدعم، أو على سلطة القرار.
في الحقل الثقافي، مثلًا، نشهد مشهديات عبثية: شعراء قدامى يصادرون حق الأجيال الجديدة في التجريب، مثقفون يحتكرون لجان الدعم، ناشرون يقصون غيرهم باسم “التاريخ”، فيما تتراجع لغة الحوار لحساب لغة التخوين والتشكيك. أما الصحافة، فلا تقل تشتتًا، إذ تحوّلت إلى ساحات استقطاب بين “قدامى” يرون أنفسهم حراسًا للهيكل، و”جدد” يكافحون لانتزاع الاعتراف دون أن يُمنح لهم حق الخطأ أو التعلم.
السياسة كذلك لم تسلم، بل لعلها النموذج الأوضح. أحزابٌ شاخت على الكراسي، وشباب يُقصى لمجرد اختلافه في الرؤية أو الانتماء، وانتخابات تُدار بمنطق الزبونية بدل التنافس، وكلّ مجموعة تدافع عن بقاء زمنها، رافضة الاعتراف بأن الزمن تغيّر، وأن جيلًا جديدًا له أدواته وأسئلته ومطالبه، بات حاضرًا في الساحة.
ما يحصل في العمق، هو شكل من التقوقع الجماعي، كل فئة تحتمي بأسوارها، تدير ظهرها للآخر، وتُقصيه بدل أن تُحاوره. وهذا ما جعل لغة الإقصاء لا تُمارَس كاستثناء، بل كقاعدة ومذهب جديد يوحد بين كل المتخاصمين.
أليس من المؤسف أن تتحول الديمقراطية، بكل آلياتها، إلى مجرد واجهة لا تغير من واقع البلقنة شيئًا؟ أليس من المحزن أن نعيش زمنًا تُقمع فيه الأفكار لا لأنها خاطئة، بل فقط لأنها جديدة أو آتية من خارج “الدائرة”؟
لقد آن الأوان لمصارحة صعبة: زمن احتكار القطاعات قد ولّى. الاعتراف بتعدد الفاعلين، واختلاف المرجعيات، وتجدد الأجيال، ليس ترفًا ولا تهديدًا، بل شرط أساسي لأي نهضة حقيقية. وحده من يملك الشجاعة على الانسحاب الكريم، أو الانفتاح على الأجيال، من يستحق أن يُخلَّد اسمه.
يتبع..
خديجة العروسي تمكنت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمراكش