الدعم العمومي للصحافة… بين التسريبات والتواطؤ والصمت الثقيل للهوامش

الدعم العمومي للصحافة… بين التسريبات والتواطؤ والصمت الثقيل للهوامش

- ‎فيبلاحدود, في الواجهة
712
0

 بقلم: نورالدين بازين

يتداول في كواليس قطاع الإعلام، مشروع قانون جديد للدعم العمومي للصحافة، يُفترض أن يحل محل الإطار المرجعي الحالي الذي بُني في سياق اتفاقيات بين وزارة الاتصال والناشرين، دون أي قوة إلزامية حقيقية. مشروع القانون المرتقب، حسب التسريبات، يتجه نحو “إعادة الهيكلة”، من خلال إدماج الدعم في إطار قانوني واضح، لكنه يثير كثيرًا من التحفظات بسبب ما يبدو أنه غياب لضمانات تكافؤ الفرص، واعتماده على معايير قد تُقصي المقاولات الصغرى والمتوسطة من الاستفادة العادلة.
ففي الوقت الذي تنتظر فيه مئات المقاولات الصحفية، خاصة في الجهات، إشارات حقيقية على وجود إرادة سياسية لإصلاح قطاع منهك، خرجت تسريبات من جهات معلومة تتحدث عن ضغوط تمارس لتسريع المصادقة على مشروع قانون الدعم العمومي للصحافة. هذه التحركات التي تجري في الظل تطرح أكثر من علامة استفهام حول خلفياتها وتوقيتها، وكأن هناك من يريد تمرير “اللعبة” بسرعة، قبل أن تستفيق مكونات القطاع.

هل الغرض من هذه التسريبات هو جس نبض الجسم الصحفي؟ أم أن هناك من يسعى إلى شرعنة واقع “الوزيعة” الجديدة، بقالب قانوني لا يراعي مبدأ الإنصاف؟ الأدهى من ذلك، هو أن بعض الجهات التي من المفروض أن تترافع لصالح المقاولات الصحفية الصغرى، خاصة تلك التي تعمل في ظروف قاسية بالهوامش والقرى والمراكز الجهوية، تبدو اليوم وكأنها منخرطة – عن وعي أو عن تقصير – في هذا المسار الغامض.

فهل نحن أمام خيانة داخلية لهذه المقاولات من داخل “البيت الصحفي” نفسه؟ وهل فقدت بعض الإطارات الصحفية ما تبقى لها من استقلالية، واكتفت بدور الوسيط الصامت في صفقة لا أحد يعرف تفاصيلها؟

أمام هذا المشهد المقلق، يطفو سؤال التمثيلية من جديد: هل قطاع الصحافة في حاجة إلى تأسيس إطارات مهنية جديدة، صادقة ومستقلة، تمثل فعلاً من يُقصون من الدعم، وتفرض صوتها في النقاش العمومي؟ وإذا ما تأسست مثل هذه الإطارات، هل ستكون الوزارة على استعداد للاعتراف بها كفاعلين في المشهد، أم سيتم العمل على محاصرتها بنفس الأساليب القديمة؟

في الهامش، هناك أصوات لم تتكلم بعد، لكنها ترى وتُسجل، وتعي جيدًا ما يجري من توزيع خفي للمغانم. هذه الصحافة المهمشة قد تفاجئ الجميع حين تقرر الحديث بصوت مرتفع، لا من أجل الدعم فقط، بل من أجل الكرامة المهنية، والعدالة الإعلامية، والحق في البقاء.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

نجاح باهر للندوة الدولية بكلية الآداب بني ملال .. جبري والسليماني في قلب دينامية التنظيم

  نور الدين بازين احتضنت كلية الآداب والعلوم