نورالدين بازين
في لحظة مفصلية تشهد فيها الصحافة المغربية تحديات متعددة، خرج يونس مجاهد، رئيس اللجنة المؤقتة للمجلس الوطني للصحافة، بتصريحات قوية خلال ندوة علمية احتضنتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، ليؤكد أن التنظيم الذاتي في مهنة الصحافة لا يُفترض أن يُفهم كأداة لتنظيم مهني داخلي فقط، بل كوسيلة لحماية المجتمع ككل من الانزلاقات والممارسات غير الأخلاقية.
واعتبر مجاهد، أن التنظيم الذاتي يمثل التزامًا أخلاقيًا ومؤسساتيًا تجاه الجمهور، وليس امتيازًا حصريًا للصحافيين. وأضاف بنبرة حاسمة أن الصحافة الجادة بحاجة إلى بنية أخلاقية وتنظيمية تُبنى على قيم الشفافية والاستقلال، وليس على الولاءات أو التدخلات السياسية.
وأشار المتحدث إلى أن التجارب العالمية تؤكد هذا التصور، إذ تضم مجالس الصحافة في عدد من البلدان أعضاء من خارج الحقل الإعلامي، كالقضاة والأساتذة الجامعيين وممثلي المجتمع المدني، وذلك لضمان تمثيلية حقيقية لمصالح المواطنين، وليس فقط لحسابات المهنيين.
ولم تُخطئ كلمات مجاهد في توجيه إشارات واضحة لمن وصفهم بـ”من يهمهم الأمر”، في انتقاد غير مباشر لمن يحاولون تقويض استقلالية التنظيم الذاتي أو تحويله إلى ذراع خاضع لاعتبارات ظرفية أو مصالح ضيقة. وأضاف أن الحفاظ على هذه الاستقلالية ضرورة ديمقراطية، وأن أي مساس بها هو مساس بجوهر حرية التعبير.
وفي سياق متصل، دعا مجاهد إلى انفتاح أكبر للصحافة على الجامعة، مؤكداً أن المؤسسة الأكاديمية قادرة على رفد الحقل الإعلامي بمعارف ومقاربات علمية ترفع من جودة الأداء الصحفي. وكشف في هذا الصدد عن توقيع اتفاقية إطار بين المجلس الوطني للصحافة ووزارة التعليم العالي بهدف تبادل الخبرات، وإنتاج محتوى يرتكز على البحث والمعرفة.
الندوة التي نظمتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال لم تكن مجرد لقاء أكاديمي عابر، بل شكلت منصة لتجديد النقاش حول الدور المجتمعي للصحافة، والتأكيد على أن الدفاع عن التنظيم الذاتي هو دفاع عن حق المواطن في إعلام مهني مستقل وأخلاقي.
