انتخابات 2026 ورهانات الدولة في أفق 2030: التنافس الانتخابي بلا سياسة

انتخابات 2026 ورهانات الدولة في أفق 2030: التنافس الانتخابي بلا سياسة

- ‎فيسياسة, في الواجهة
158
0

بقلم نور الدين بازين

مع اقتراب موعد انتخابات 2026، تبرز مجموعة من الأسئلة الجوهرية حول مستقبل الخيار الديمقراطي بالمغرب، وموقع الدولة من العملية الانتخابية في ظل متغيرات إقليمية ودولية معقدة، وانشغالات داخلية ترهق الآلة السياسية، في مقدمتها أزمة الوساطة الحزبية وتآكل الثقة الشعبية في المؤسسات.

ففي أفق 2030، تبدو رهانات الدولة مركزة على الاستقرار، وتسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية، ومواكبة التحولات الاستراتيجية الكبرى مثل استضافة كأس العالم، ومشاريع الربط الطاقي والمينائي، والانفتاح على عمق إفريقيا. لكن هذه الرهانات الكبرى تأتي في مقابل تراجع دور السياسة كمجال تنافسي حول الرؤى والبرامج، لتحل محلها دينامية انتخابية يغلب عليها طابع البراغماتية والمصلحة.

من التنافس السياسي إلى التنافس الانتخابي

من المؤشرات اللافتة، استمرار الدولة في الرهان على النخب ذات الخلفية المالية والاقتصادية لتدبير الشأن العام، سواء من خلال ضخ رجال الأعمال في مفاصل القرار المحلي والوطني، أو من خلال تسهيل صعودهم عبر الأحزاب الإدارية. هذا الخيار، وإن كان يبرره البعض بالحاجة إلى الكفاءة والسرعة في الإنجاز، إلا أنه يكرس نوعًا من “تكنوقراطية مموَّلة” تُبعد السياسة عن مركز القرار.

ومع تصاعد هذا التوجه، يلاحظ أن التنافس المرتقب في انتخابات 2026 سيكون في الغالب داخل أحزاب التحالف الحكومي الحالي، وليس بين قطبين سياسيين متمايزين في المرجعية أو التوجه. بمعنى آخر، نحن أمام مشهد انتخابي قد يكون مشوقًا في نتائجه، لكنه فارغ من رهانات الاختيارات الكبرى.

فالتحولات الدولية، خصوصًا بعد الجائحة وحرب أوكرانيا، وسقوط شعارات “تصدير الديمقراطية”، غيّرت من أولويات الشركاء الدوليين، فصارت المصالح الاقتصادية والأمنية تُقدَّم على حساب سؤال الديمقراطية وحقوق الإنسان. هذا الوضع أعطى هامشًا أوسع للدولة المغربية لتدبير انتقالها على طريقتها الخاصة، من دون ضغط خارجي فعلي من أجل الإصلاح السياسي العميق.

كل المؤشرات تدفع نحو تصور مفاده أن الدولة لا تعوّل على مفاجآت انتخابية من خارج السياق الرسمي، بل تسعى إلى ترتيب داخلي يسمح بتجديد النخب دون المساس بتوازنات الحكم. وهذا ما يفسر الحضور الضعيف للمعارضة، وغياب خطاب سياسي بديل قادر على تعبئة الشارع أو التأثير في صناديق الاقتراع.

ان انتخابات 2026 ليست محطة تنافس بين رؤى سياسية متعارضة، بل لحظة لإعادة توزيع مواقع النفوذ داخل نفس المنظومة. وفي ظل استمرار الرهان على المال والأعيان، وضعف الأحزاب ذات الطابع النضالي، فإن الدولة تراهن على استقرار الواجهة الانتخابية في أفق 2030، لتُواصل مسارها التنموي وفق أجندة تقنية، لا سياسية.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

إدريس جبري يكتب وفاء لسعيد بنگراد

كلامكم في حلقة من الرباط على هامش المعرض