نورالدين بازين
حذّر إدريس جبري، الأستاذ الباحث ورئيس شعبة اللغة العربية ومنسق ماستر التميز في الصحافة والإعلام بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال ، من خطري الشعبوية والثورة الرقمية على إنسانية الإنسان، معتبراً أن الشعبوية أصبحت ظاهرة عابرة للقارات تخترق مختلف التيارات والمرجعيات السياسية.
وجاءت تصريحات جبري خلال مداخلة بعنوان “خطاب الشعبوية في الإعلام الرقمي بين التضليل والهيمنة”، ضمن أشغال المؤتمر الدولي المنظم بجامعة السلطان مولاي سليمان يوم الجمعة 25 أبريل 2025.
وأكد جبري أن الشعبويين يرفعون شعارات طهرانية تزعم تمثيل “الشعب”، مشيراً إلى أن المخيال الجماعي يربط مفهوم الشعب بالنقاء والطهارة، مما يفسر الشعارات المنتشرة مثل “حْنَا وْلاَدْ الشعب” في الاحتجاجات وعلى منصات التواصل.
وأضاف أن الخطاب الشعبوي يستعدي النخبة الاقتصادية والسياسية والثقافية، متهماً إياها بالفساد والاستلاب، لافتاً إلى أن الشعبويين يروجون لفكرة سيادة الشعب عبر شعارات مضللة، مما يؤدي إلى “نهاية الرأي العام لصالح الرأي الشعبوي، ونهاية الحقيقة لصالح الثرثرة والزيف”.
وتساءل جبري بمرارة: “ماذا لو توقف الإنترنت والهاتف؟ ربما سنصاب بالاكتئاب واليأس”.
لا خوف من التكنولوجيا
من جهته، دعا محمد حفيظ، الأستاذ الباحث بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إلى عدم التهويل من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، مذكّراً بأن صحفاً ورقية كانت تتخصص في أخبار الجريمة قبل ظهور الإنترنت، وكانت توزع بشكل طبيعي.
واعتبر حفيظ أن التطور التكنولوجي لا يمكن وقفه، محذراً في الوقت ذاته من استغلال الحديث عن الجريمة الإلكترونية لتقييد الحريات. وأكد أن “الإنسان لا يمكنه العيش بدون حرية”، داعياً إلى الاحتكام للقانون لمعالجة أي تجاوزات.
ورأى حفيظ أن النشطاء الإلكترونيين ليسوا صحافيين محترفين، لكنه أبدى تفهّمه لإمكانية تطبيق قانون الصحافة والنشر (88.13) عليهم، مشيراً إلى أن هذا القانون ينظم النشر بصفة عامة، وليس مهنة الصحافة فقط.
كما أشار إلى النقاش الجاري حول تعديل هذا القانون لمواجهة الإشكالات التي طرأت منذ صدوره عام 2016، محذراً من تضخيم دور النشطاء لما قد يترتب عليه من تضييق على الحريات.
وسجل حفيظ ظاهرة انتقال صحافيين إلى منصات اليوتيوب بحثاً عن فضاءات أوسع، معتبراً أن هؤلاء يتحولون إلى “ذئاب منفردة” تشتغل خارج قواعد العمل المؤسسي، ما يستدعي إخضاعهم للقانون لضمان احترام الضوابط المهنية.
النيابة العامة: الناشر ليس بالضرورة صحافياً
وفي جلسة أخرى ضمن المؤتمر، أوضح المهدي النقاش، نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية ببني ملال، أن كل صحافي هو ناشر، لكن ليس كل ناشر صحافياً، مشيراً إلى أن الصحافي يصنع المحتوى بينما الناشر يكتفي بنشره.
وأكد النقاش أن النيابات العامة تعتمد على قانون الصحافة في التعامل مع الصحافيين المهنيين، سواء نشروا عبر مؤسساتهم أو عبر منصات شخصية، معتبراً ذلك مكسباً حقوقياً يعزز حرية الصحافة بالمغرب.
قانون الصحافة حصري للمهنيين
بدوره، شدد عبد الرحيم بحّار، الأستاذ الزائر بجامعة السلطان مولاي سليمان ومستشار بمحكمة الاستئناف ببني ملال، على أن قانون الصحافة والنشر يطبق فقط على الصحافيين المهنيين، الذين يتمتعون بضمانات قانونية خاصة، مثل الحماية من العقوبات السالبة للحرية.
وأكد بحار أن العلاقة بين القضاء والإعلام ترتكز على حماية الحقوق والحريات، مشيراً إلى وجود اتفاقيات مع المعهد العالي للإعلام والاتصال لتكوين قضاة في التواصل، إلى جانب تكوين صحافيين متخصصين في المادة القانونية.
يذكر أن هذا المؤتمر الدولي، المنظم من طرف فريق البحث في تحليل الخطاب بجامعة السلطان مولاي سليمان، يُعقد في دورته الرابعة تحت شعار “الإعلام، الخطاب والعلاقات الدولية”، بمشاركة باحثين من المغرب وخارجه باللغتين العربية والإنجليزية، على مدى ثلاثة أيام.