الرباط: كلامكم -محمد بلال
نظمت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ندوة بعنوان “الصورة والتراث المادي واللامادي في صلب وثائقيات الثقافية”، بحضور مجموعة من المهنيين والخبراء في مجال الإنتاج الوثائقي بالقناة، وذلك ضمن البرنامج الغني ومتعدد الأبعاد لرواق المؤسسة بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته الـ 30، والذي يروم إلى إبراز المكانة المركزية التي تحظى بها البرامج الوثائقية في العرض السمعي البصري العمومي.
وفي مداخلته أكد السيد محسن بنتاج، رئيس قطاع البرامج بالقناة “الثقافية”، أن اختيار القناة الرابعة للتراث المغربي كمادة محورية في برامجها الوثائقية، يعكس توجها مؤسساتيا عميقا يهدف إلى صون الذاكرة الجماعية، وإبراز الهوية الوطنية الموحدة، بكل مكوناتها وروافدها الثقافية.
وأبرز المتحدث ذاته أن الوثائقيات في قناة “”الثقافية” تولي عناية لهدف تسليط الضوء على العديد من الأحداث التي تمس جوانب تاريخية واجتماعية، وفنية متميزة شهدها المغرب، استنادا على مرجعية تضع التراث المادي واللامادي في صلب رسالة القناة، والمقترنة بتعزيز الهوية الوطنية الموحدة، التي تنصهر فيها كل المكونات الهوياتية المغربية الأصيلة، ونظرا لمرجعية المسار التاريخي والإشعاع الحضاري المغربي.
كما أضاف المتدخل أن قناة “الثقافية”، ومنذ إطلاقها في سنة 2006، تعمل على تطوير إنتاجات وثائقية تراعي خصوصية المجتمع المغربي، وتستلهم مرجعياته التاريخية والحضارية، مستعرضا حصيلة القناة في هذا المجال، منها إنتاج 340 حلقة وثائقية خلال الفترة من سنة 2012 إلى 2025 بكفاءات بشرية فاعلة ومتفاعلة مع المحيط الثقافي.
من جانبه، قدم السيد حميد المرجاني، الصحافي المتخصص ومعد برنامج “أطلس المغرب” على قناة “الثقافية”، شهادة ميدانية غنية، استعرض فيها مراحل تحويل فكرة أولية عن عنصر من التراث المغربي، إلى منتوج بصري يعرض على الجمهور؛ مبرزا التحديات الإبداعية والتقنية التي تواجه المهنيين، خاصة في التعامل مع تراث شفوي أو بصري غير موثق، وضرورة التوفيق بين الجمالية السمعية البصرية وصدق المادة الثقافية المعروضة. كما تطرق إلى كيفية الاشتغال مع مختلف الجهات الفاعلة، من باحثين ومؤرخين وحرفيين، من أجل تقديم صورة أصيلة وعميقة عن الثقافة المغربية في بعدها اليومي والرمزي.
وساهم في الندوة كذلك السيد يوسف وثيق، مخرج البرامج في القناة الرابعة “الثقافية”، والسيدة حنان كعزوز، موضبة البرامج في القناة، وقدما إضاءات حول مرحلتي الإخراج والتوضيب من إنتاج البرامج الوثائقية، اللتين غالبا ما تبقيان خلف الكواليس، لكنها محورية في بناء المحتوى السمعي البصري المعروض على المشاهدين.
وأبرزا المتدخلان الصبر والدقة المطلوبان عند التعامل مع ساعات طويلة من التسجيلات والمشاهد والوثائق، من أجل صناعة خطاب بصري متماسك وجذاب؛ مع التأكيد أن هذه العمليات لا تكتفي بالالتقاط والترتيب التقني للصور، بل تساهم فعليا في إعادة تشكيل الحكاية الثقافية، واختيار الإيقاع المناسب، وإبراز التفاصيل التي تحيي التراث المادي واللامادي، وتجعل المشاهد في قلبه.
وقد تميزت هذه الندوة بتفاعل كبير بين المتدخلين والجمهور، في مناقشة دور الإعلام العمومي في بناء الذاكرة الثقافية للمغرب، وتثمين الموروث الوطني في سياق التحولات المجتمعية والرقمية المتسارعة، كما شكلت مناسبة لتأكيد التزام قناة “الثقافية” بمواصلة المراهنة على الوثائقيات كوسيلة للتعريف بثراء الثقافة المغربية، وإبراز تنوعها، وربط الماضي بالحاضر، عبر أعمال فنية بصرية ترتقي إلى مستوى انتظارات الجمهور.
ويجدر التذكير بأن الرواق السنوي للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بالمعرض الدولي للنشر والكتاب يشكل إحدى المبادرات المؤسسية المتواصلة، التي تسعى من خلالها الشركة إلى ترسيخ مكانتها كمؤسسة إعلامية مواطِنة، تواكب التحولات الإعلامية والثقافية، وتنهج سياسة تواصلية منفتحة، تستهدف تعزيز علاقتها بجمهورها وبمحيطها المهني والأكاديمي والمدني، داخل المغرب وخارجه، بما يخدم تطوير المشهد الإعلامي الوطني ويعزز مكانة الثقافة المغربية والإشعاع الدولي للمغرب.