خديجة العروسي
تعيش جماعة تسلطانت، ضواحي مراكش، على وقع أزمة خانقة بسبب تراكم النفايات والأزبال، في مشهد بيئي مقلق يُهدد صحة المواطنين ويعكس هشاشة تدبير الشأن المحلي بالجماعة. هذه الأزمة، التي تفاقمت خلال الأسابيع الأخيرة، كشفت عن حجم الاختلالات والتجاذبات السياسية داخل المجلس الجماعي، وسط اتهامات مباشرة لرئيسة المجلس بإذكاء الصراعات الداخلية وترويج مغالطات تمس بصورة باقي الأعضاء، بهدف تبرئة نفسها من مسؤولية ما يقع.
مصادر متطابقة أكدت أن وزارة الداخلية وجهت مراسلة إلى الرئيسة ترفض فيها بشكل نهائي الصفقة التي حاولت تمريرها، والتي سبق أن رفضها المجلس خلال دورة سابقة بسبب عدم احترامها للمعايير القانونية والإدارية. ورغم هذا الرفض، تقول ذات المصادر، عمدت الرئيسة إلى تمرير صفقة جديدة في صيغة تفاوضية، مبررة ذلك بكون الوضعية “استعجالية”، وهو ما يطرح تساؤلات كثيرة حول مدى قانونية هذا التوجه، خاصة أن الصفقة رست على شركة “SOS” لكنها لم تبدأ بعد تنفيذ مهامها، مما يزيد من شكوك بعض الفاعلين حول احتمال توجيه الصفقة نحو شركة أخرى بطرق غير شفافة.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل اتخذ منحى سياسيا خطيرا، بعد أن قامت الرئيسة، بحسب تصريحات عدد من السكان والفاعلين المدنيين، بتوزيع خدمات النظافة بشكل انتقائي، حيث اقتصرت على بعض الدواوير والتجزئات كـ”دوار الهنا” و”تكانة”، مستبعدة باقي المناطق، في خطوة وصفها المتتبعون بأنها أشبه بـ”حملة انتخابية مسبقة”، تكرّس منطق الولاء السياسي و”المحاباة”.
ووسط هذا الوضع البيئي المتأزم، ومع تصاعد روائح النفايات وانتشار الحشرات، تزداد مطالب الساكنة والمجتمع المدني بضرورة الكشف عن حقيقة ما يجري داخل دواليب الجماعة، وعلى رأسها مضمون رسالة وزارة الداخلية التي رفضت الصفقة السابقة، والتي يرى فيها الكثيرون دعماً ضمنيًا لموقف المجلس الرافض لها، خصوصًا إذا ثبت عدم استيفائها للشروط القانونية.
وفي ظل غياب حلول عملية، يوجه المواطنون والمنتخبون، خاصة من المعارضة، نداءً عاجلًا إلى والي جهة مراكش آسفي، من أجل التدخل لوضع حد لما وصفوه بـ”الارتجالية والعشوائية والانتقائية” في تدبير قطاع حيوي مثل النظافة، الذي لا يحتمل التأجيل ولا الخلافات السياسية.
