حكيم شيبوب
والي جهة بني ملال يقوم بزيارة تفقدية للمركز الاستشفائي الجهوي
عبد العزيز المولوع/ بني ملال قام والي جهة
حكيم شيبوب
لم يكن صباح الجمعة عادياً في شوارع مراكش، المدينة الحمراء التي تخفي وراء زحامها الكثير من الحكايات. في تمام التاسعة والنصف، توقفت سيارة أجرة من الصنف الأول عند إشارة المرور بشارع رئيسي وسط المدينة. كانت سيارة عادية، برقم عادي، وسائق يبدو عليه الوقار، يجلس بجانبه رجل مسن يحمل حقيبة جلدية بنية.
ما لم يكن يعلمه المارة، هو أن هذه الرحلة لم تكن سوى واجهة لرحلة أخطر بكثير. داخل الحقيبة، وفي تجاويف خفية بالسيارة، كانت تختبئ كميات ضخمة من الأقراص المهلوسة ومخدرات متنوعة، مرصوصة بإتقان، تنتظر اللحظة المناسبة للتوزيع.
لكن عناصر الشرطة كانت تراقب بصمت. تحت إشراف المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تم نصب كمين محكم بعد تتبع دقيق لتحركات السائق ومرافقه، اللذين يبلغان من العمر 40 و62 سنة. وبمجرد عبور السيارة نقطة التفتيش، أُعطيت الإشارة… وتم التوقيف.
داخل السيارة، لم يكن الأمر يحتاج لوقت طويل. 1150 قرص إكستازي، 192 غراما من الكوكايين، أزيد من 26 كيلوغراماً من الشيرا، وقرابة كيلوغرام من مسحوق الكيف… كل هذا كان كافياً لتُغلق الأبواب خلف الرجلين إلى أجل غير مسمى.
الطاكسي رقم 000 لم يعد يتحرك، والسائق الذي كان يعرف كل الأزقة اختار أقصر طريق نحو المجهول.
داخل غرفة صغيرة باردة داخل مقر الشرطة القضائية، جلس الرجل الستيني متكئًا على الحائط، يرمق الحارس بنظرات شاردة. لم يكن يصدق أن سنواته الطويلة انتهت في لحظة عبور غير محسوبة. بجانبه، جلس السائق، يلتف حوله الصمت كعباءة ثقيلة.
في الخارج، كان المحققون يقلبون المعطيات التي وفرتها مديرية مراقبة التراب الوطني. كل شيء بدا منظّماً: الوجهات، الاتصالات، وحتى توقيت التحركات. لم تكن العملية معزولة كما بدت في البداية، بل كانت خيطاً من شبكة أكبر.
دخل المحقق، وضع الملف على الطاولة، وقال بهدوء:
“راك كنتي كتسوق طاكسي… ولكن واش كنتي كتسوق غير الركاب، ولا كنتي كتسوق سمّ وسط المدينة؟”
تنهّد السائق، ثم قال بصوت مبحوح:
“أنا غير كندّي، ما كنتش عارف شنو فالحقيبة… هو اللي جابها معاه.”
لكن نظرة المحقق كانت تقول أكثر من ذلك.
“واش طاكسي فيه بلايص مخبّية، وكتقول ما عارفش؟”
أما المرافق، فكان أهدأ. جلس كمن يعرف أن سقوطه كان مسألة وقت. اعترف بأنه مجرد حلقة وسط السلسلة، وأن “الرأس الكبير” ما زال حراً، ينسج الخيوط من خلف الستار.
وبين محاضر الاستماع، والهواتف المحجوزة، ورسائل “الواتساب” المشفّرة، كانت دائرة الحقيقة تتسع. كل اعتراف كان يقود إلى اسم، وكل اسم يجرّ عنوانًا.
في نهاية اليوم، غادر المحققون الغرفة، تاركين خلفهم رجلين وُضعت فوق أكتافهما تهمة ثقيلة، ومصير معلّق.
لكن التحقيق لم ينتهِ بعد، بل بدأ للتو.
عبد العزيز المولوع/ بني ملال قام والي جهة