حكيم شيبوب/ تصوير: ف. الطرومبتي
من قلب المدينة القديمة بمراكش، ومن أمام حومة لقصور، يتحدث محمد الناضيفي، أحد القيدومين الذين عايشوا فترات ازدهار ساحة جامع الفنا، عن التحولات التي عصفت بمكانٍ كان يوماً ما رمزاً للفرجة الشعبية والحياة المراكشية الأصيلة.
في حوار مؤثر وموثق بالصوت والصورة، يستحضر الناضيفي ملامح جامع الفنا كما كانت في الزمن الجميل:
“كنا كنخرجو من لقصور وكنمشيو مباشرة للساحة، كاين الحلايقية، وكاين السواقة، وكاين النشاط، وكانو الناس محترمين وكيخدمو بواحد الروح…”
اليوم، يقولها الناضيفي بوضوح:
“جامع الفنا ماتت.. ولاو فيها غير الطاولات والموسيقى المفبركة، واللي ما عندو علاقة بثقافتنا كيتصدر الواجهة.”
الغصة في قلب الرجل واضحة، وهو يقارن بين الماضي والحاضر، بين أيام كانت الساحة فيها فضاء لتربية الأجيال على الكلمة، والإبداع، والحكي، وأيام أصبحت فيها ملاذاً للفوضى والربح السريع.
لم يخفِ الناضيفي انتقاده للجهات المسؤولة، مستغرباً الصمت الكبير أمام هذا التدهور:
“فين هي الجماعة؟ فين هي وزارة الثقافة؟ فين الوالي؟ واش ما كيشوفوش الحالة؟”
يحكي عن كيف تحولت بعض الزوايا إلى نقاط سوداء، وكيف اختفى الحلايقية الحقيقيون، وتركوا الساحة لمن لا علاقة له لا بالتراث ولا بالفن.
وفي لحظة صدق، يقول محمد الناضيفي:
“الساحة راه مشات، ولكن باقي شي ناس كيغيرو عليها، خاص غير المسؤولين يسمعو ويشوفو ويعطيوها القيمة اللي تستاهل.”
كلام هذا الرجل ليس فقط شهادة، بل وثيقة حية عن زمن جميل يُحتضر، وصرخة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.