نور الدين بازين
في زمن يعلو فيه ضجيج الشعارات ويُساء فيه أحيانًا إلى الذاكرة الوطنية، يصبح من الضروري استحضار بعض الحقائق لا من باب النوستالجيا، بل دفاعًا عن التاريخ النقي لهذا الوطن، وتقديرًا لمن لم يُصفقوا لأنفسهم، بل عملوا في صمت، من أجل مغرب متعدد، متماسك، وحر. في هذا السياق، يُعدّ أندري أزولاي، المستشار الملكي المغربي، واحدًا من أولئك الرجال الذين جسّدوا بأفعالهم لا أقوالهم، معنى الانتماء للوطن.
لم يكن أزولاي مجرد خبير اقتصادي أو مثقف عالمي فحسب، بل هو ابن أسرة صويرية يهودية مغربية، ساهمت بفعالية في المقاومة الوطنية ضد الاستعمار الفرنسي. والده، إلى جانب الوطنيين من طينة عمران المليح، كان جزءًا من شبكة وطنية سرية، تنسق وتخطط وتقاوم. هذه الأدمغة اليهودية التي خشيها المستعمر لم تكن أقل وطنية من رفاقها المسلمين، ولذلك لم تتردد السلطات الفرنسية في نفي والد أزولاي إلى محاميد الغزلان، بعد أن صادرت محله التجاري وأغلقت منافذه الاقتصادية، ظنًا منها أنها ستخمد شرارة المقاومة.
في أحضان هذه التجربة القاسية، تربّى أندري، وتشبع بروح التحرر، فاختار طريق النضال السياسي عبر بوابة حزب “التحرر والاشتراكية”، وذَاق مرارة السجن إلى جانب مناضلين كبار أمثال إبراهيم السرفاتي. لم تكن الأيديولوجيا بالنسبة له موضة وقتية، بل التزامًا فكريًا وأخلاقيًا تجاه المقهورين والمهمشين، وتجاه وطن يحلم بالخروج من قوقعة الاستعمار إلى آفاق السيادة والتنمية.
ومع انبلاج الاستقلال، لم يركن أندري أزولاي إلى خطاب الضحية أو سردية الماضي، بل دخل الدولة من بابها الاقتصادي، وعمل كمستشار لوزير المالية عبد الرحيم بوعبيد، واضعًا خبرته وشبكاته الدولية رهن إشارة المغرب. كان بإمكانه أن يختار منصبًا مرموقًا في إحدى الحكومات الأوروبية أو المؤسسات المالية العالمية، لكنه آثر البقاء في المغرب، وخدمة بلاده من الداخل، دون ادعاء أو استعراض.
في لحظة ما، صار لزامًا أن نقولها بصوت عالٍ: أندري أزولاي مغربي حتى النخاع، أمازيغي الجذور، يهودي الديانة، ووطني في العمق. لم يكن طارئًا على هذا البلد، ولم يكن يومًا من أولئك الذين يزايدون باسم الدين أو العدل أو الجماعة. بل هو من الذين فهموا أن الوطن لا يُبنى بالتكفير، بل بالتفكير، لا بالتخوين بل بالتكوين.
إن الدفاع عن سيرة أندري أزولاي هو دفاع عن مغرب متعدد الهويات، وعن وطن لا يُقاس بالعرق ولا بالدين، بل بالوفاء والعمل. ومن ينكر هذا التاريخ، فإما أنه يجهله، أو يتعمد طمسه لحسابات ضيقة لا تمت للوطنية بصلة.
مراجع موثوقة حول أندري أزولاي وتاريخه:
-
الكتب والمقالات:
-
“المغرب واليهود: من الذاكرة إلى الحاضر” – كتاب جماعي يتناول أدوار الشخصيات اليهودية في التاريخ السياسي المغربي.
-
مقالات وتحقيقات منشورة في جريدة “ليكونوميست” و”الشرق الأوسط” – تتناول دوره كمستشار اقتصادي وكمساهم في مشروع إعادة إحياء مدينة الصويرة.
-
“منفى السرفاتي” – تأليف إبراهيم السرفاتي: فيه إشارات إلى رفاق النضال ومنهم أندري أزولاي وعمران المليح.
-
كتابات عمر برادة أو الطيب بياض حول التعدد الديني والثقافي بالمغرب.
-
-
وثائقيات وبرامج تلفزية:
-
وثائقي على القناة الثانية (2M): “الصويرة… مدينة التعايش” – يظهر فيه أزولاي ويتحدث عن جذوره وعمله.
-
برنامج “ضيف خاص” على قناة Medi1TV – حوار مباشر مع أندري أزولاي حول دوره الثقافي والسياسي.
-
-
مؤسسات رسمية ومواقع إلكترونية:
-
الموقع الرسمي لجمعية الصويرة موغادور (التي يرأسها): Essaouira-Mogador.org
-
موقع المجلس الوطني لحقوق الإنسان CNDH: يحتوي على تقارير حول التعدد الثقافي وحقوق اليهود المغاربة، حيث كان لأزولاي دور استشاري.
-
الموقع الرسمي للأمم المتحدة – UN.org: يوثق مشاركاته كممثل للمغرب في مؤتمرات حول حوار الحضارات.
-
-
الصحافة الدولية:
-
مقالات منشورة في Le Monde وThe Guardian وNew York Times حول تجربة التعايش الديني في المغرب ودور أزولاي فيها.
-