حكيم شيبوب/ تصوير: ف. الترومبتي
وسط أزقة المدينة العتيقة لمراكش، حيث تختبئ قصص التاريخ في تفاصيل الجدران العتيقة، تبرز حومة قاعة بناهيض كواحدة من الأحياء العريقة التي شهدت أزمنة مزدهرة، لكنها اليوم تعيش وضعًا مأساويًا بعد أن ضربها الزلزال. لم يقتصر الدمار على الأبنية، بل امتد إلى ذاكرة المكان، وكأن الحي الذي كان يومًا ينبض بالحياة، أصبح طي النسيان، في انتظار التفاتة تعيد له شيئًا من روحه المفقودة.
عندما وقع الزلزال، لم تكن قاعة بناهيض بمنأى عن الأضرار. تصدعت جدران البيوت، وسقطت بعض الأسقف، وتحولت بعض الأزقة إلى ركام يروي بصمت قصة الحي المنكوب. ومع ذلك، لم تحظَ هذه الحومة بما تستحقه من العناية، فبقيت آثار الدمار شاهدة على واقع مرير، حيث بدا وكأن الاهتمام الرسمي والشعبي قد تخلى عنها تمامًا.
كانت قاعة بناهيض جزءًا من النسيج الاجتماعي والثقافي لمراكش العتيقة، حيث تقاطعت فيها حكايات العائلات العريقة، والأسواق الشعبية، والتقاليد المتوارثة. اليوم، أصبح المشهد مختلفًا؛ بعض الدور المهجورة صارت عرضة للانهيار الكامل، أما الأزقة التي كانت تضج بالحركة، فقد خفتت أصواتها، وكأن الحي قد دخل في غيبوبة لم يعد منها بعد.
الساكنة التي عاشت هناك لعقود تتساءل: إلى متى سيستمر هذا الإهمال؟ أين الجهات المسؤولة عن إعادة الإعمار؟ ولماذا تُركت معالم تراثية كهذه عرضة للاندثار دون أي تدخل ملموس؟ في الوقت الذي استعاد فيه بعض أحياء المدينة العتيقة بريقها بعد جهود إعادة الترميم، بقيت قاعة بناهيض خارج الحسابات، وكأنها مجرد ذكرى عابرة في سجل المدينة.
إن إعادة الاعتبار لحومة قاعة بناهيض لا تعني فقط ترميم الجدران وإصلاح الأزقة، بل تعني استعادة روح المكان، والحفاظ على هوية مراكش العتيقة التي تشكلت عبر قرون من الزمن.