الصحفيون إياهم”.. حراس البوابة أم أوصياء على الحقيقة؟

الصحفيون إياهم”.. حراس البوابة أم أوصياء على الحقيقة؟

- ‎فيرأي, في الواجهة
216
0

نورالدين بازين

في المشهد الإعلامي المغربي، كما في غيره، برزت فئة من الصحفيين الذين يعتقدون أنهم وحدهم أهل المهنة الحقيقيون، بينما الآخرون مجرد دخلاء أو متطفلين.

هؤلاء الذين يمكن أن نطلق عليهم “الصحفيون إياهم” يرون أنفسهم ورثة الشرعية الإعلامية، ويعتبرون أن مفاتيح الصحافة ليست سوى في أيديهم، وأن من هم خارج دائرتهم مجرد مدّعين لا يستحقون شرف الانتماء إلى المهنة.

الصحافة مهنة تتطلب المصداقية، الدقة، والقدرة على نقل الأحداث وتحليلها دون تحريف أو تصفية حسابات شخصية. لكن بعض من يسمون أنفسهم “حراس البوابة” تحولوا إلى أوصياء على المهنة، يصنفون من يستحق ومن لا يستحق أن يكون صحفيًا، متناسين أن الصحافة ليست لقبًا يمنح، بل عمل مستمر يخضع لمعايير النزاهة والالتزام الأخلاقي.

المفارقة أن بعض هؤلاء “الصحفيين إياهم” لا يمارسون الصحافة بقدر ما يمارسون التشهير والسب والقذف. مقالاتهم وتحقيقاتهم، بدل أن تكون أداة تنوير للرأي العام، تحولت إلى ساحة لتصفية الحسابات والضرب تحت الحزام. أما الفيديوهات التي ينشرونها، فغالبًا ما تكون محشوة بالرأي الشخصي الموجه والملغوم، بعيدًا عن أي التزام بمعايير الموضوعية والمهنية.

الواقع أن الصحافة، كغيرها من المهن، تتطور باستمرار، ولا يمكن حصرها في مجموعة معينة تدّعي أنها الوحيدة المخوّلة لممارستها. تطور التكنولوجيا ووسائل الإعلام الرقمية جعل الصحافة أكثر انفتاحًا، مما أتاح للعديد من الأصوات الصاعدة التعبير عن نفسها. صحيح أن هذا التوسع جلب معه بعض التجاوزات، لكنه أيضًا فسح المجال أمام أنماط جديدة من الصحافة، أكثر جرأة وأقرب إلى نبض الشارع.

الصحافة الحقيقية ليست في عدد السنوات التي قضيتها في المهنة، ولا في عدد العلاقات التي نسجتها مع دوائر النفوذ، بل في مدى قدرتك على نقل الحقيقة بموضوعية وشجاعة. المشهد الإعلامي المغربي في حاجة إلى مهنية أكثر، وليس إلى وصاية من طرف قلة تعتقد أنها الوحيدة التي تملك مفاتيح الصحافة.

ربما آن الأوان لأن يدرك “الصحفيون إياهم” أن الصحافة ليست حكرًا على أحد، وأن السلطة الحقيقية فيها ليست لمن يسيطر على المنابر، بل لمن يحظى بثقة الجمهور، وهو الامتحان الذي لا ينجح فيه سوى من يلتزم بالصدق والمهنية، بعيدًا عن منطق الإقصاء والمزايدات.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

ضبط عطار متورط في ترويج مكملات غذائية وأقراص زيادة الوزن المهربة بمراكش

خولة العدراوي   في ظل تصاعد الجهود الأمنية