نور الدين بازين
الألفاظ البذيئة بين الأطفال..مأساة جيل ضائع
برعلا زكريا يتردد صداها في أروقة المدارس وزوايا
نور الدين بازين
في عملية مفاجئة ومثيرة للجدل، تم هدم فيلا لوسيين بحي جليز في مراكش، بطريقة يلفها الكثير من الغموض واللبس، بعدما كانت البناية مرشحة للتقييد ضمن لائحة المباني ذات الطابع المعماري المتميز. فبعدما تمت الموافقة المبدئية على تقييدها من طرف اللجنة التقنية المحلية، ظل الملف مجمدًا لأشهر، قبل أن يتحول فجأة إلى هدم صامت، دون إعلان رسمي، أو حتى إشعار واضح للجهات المعنية.
السؤال الذي يطرح نفسه: كيف انتقل ملف الفيلا من مسطرة التقييد إلى قرار الهدم؟ ومن له المصلحة في إزالة هذا المعلم المعماري؟
ففي يونيو 2023، تم تقديم ملف تقييد فيلا لوسيين، وبعد دراسة تقنية من طرف مكتب دراسات مختص، خلصت اللجنة التقنية المحلية إلى الموافقة على إدراجها ضمن المباني المحمية. إلا أن التقييد النهائي كان بيد لجنة الترتيب بالرباط، التي تضم ممثلين عن وزارة التعمير، وزارة الداخلية، ووزارة الثقافة، حيث أن اعتراض أي طرف منها يؤدي إلى تجميد الملف.
ومنذ ذلك الحين، تعطل القرار لعدة مرات دون مبرر واضح، حتى انتهى الأمر بهدم البناية فجأة، في يوم الجمعة، ودون إعلام الجهات المعنية، وهو ما يطرح شكوكًا حول وجود تلاعب في تدبير الملف.
إن ما يزيد من غموض العملية هو أن قرار التوقيف السابق لهدم الفيلا، والذي تم في أحد أيام السبت من السنة الماضية، كان بحضور السلطات المحلية، وأثار ضجة إعلامية كبيرة. لكن هذه المرة، تم التنفيذ في صمت، وكأن هناك من أراد تمرير العملية بسرعة، بعيدًا عن الأنظار.
الأسئلة التي تفرض نفسها:لماذا لم يتم إخبار جميع الأطراف المعنية بقرار توقيف مسطرة التقييد؟،لماذا لم يتم تحرير محضر رسمي بالواقعة؟ ومن المستفيد من إزالة هذه البناية وتعويضها بمبنى زجاجي لا يمت لهوية مراكش المعمارية بصلة؟
إذا كانت فيلا لوسيين قد أزيلت رغم خضوعها لمسطرة التقييد، فإن مشاريع أخرى مثل قيسارية الفتح بجامع الفنا لا تزال معلقة منذ أكثر من سنتين، رغم صدور أحكام قضائية نهائية لصالحها، بما فيها قرار محكمة النقض.
فلماذا يتم تنفيذ قرارات الهدم بسرعة لملفات معينة، بينما يتم تعطيل أخرى رغم استيفائها للشروط القانونية؟ هل أصبح الحفاظ على الهوية المعمارية لمراكش خاضعًا لمنطق المصالح والضغوط العقارية؟
وللإشارة، المجلس الجماعي كان قد أعلن عن مشروع لإعادة الاعتبار لحي جليز، بمناسبة مرور 100 سنة على تأسيسه، بل حتى فكرة تحويل فيلا لوسيين إلى متحف يوثق لذاكرة الحي كانت مطروحة. غير أن ما حدث يثبت أن واقع القرار العمراني في مراكش لا يُحسم وفق معايير التراث أو الحفاظ على الهوية، بل يخضع لقوى أخرى تتحكم في مصير المدينة وفق حساباتها الخاصة.
ما حدث لفيلا لوسيين ليس مجرد هدم مبنى، بل خطوة تعكس توجهًا واضحًا نحو تغيير ملامح مراكش المعمارية، بعيدًا عن أي رؤية للحفاظ على طابعها التاريخي. الأيام القادمة قد تكشف المستفيد الحقيقي من هذه العملية، لكن الأكيد أن هناك من سعى جاهدًا لإتمام الهدم بأسرع ما يمكن، وبأقل قدر من الضجة. فهل سيتم كشف جميع التفاصيل؟ أم أن الملف سيُطوى بصمت كما هُدمت الفيلا؟
برعلا زكريا يتردد صداها في أروقة المدارس وزوايا